على إسرائيل استغلال المفاوضات مع سورية لمواجهة إيران
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف

·       لم تنطو زيارة [الرئيس الإيراني] محمود أحمدي نجاد لجنوب لبنان على أي تهديد جديد، أو على أي تصريح لم نسمعه من قبل، أو على أي ثورة جديدة تهدد بتدمير لبنان، غير أن العرض الكبير الذي نظمه حزب الله للرئيس الإيراني انطوى على مجموعة من الرسائل: رسالة إلى واشنطن كي تعرف من هو المسيطر في لبنان؛ رسالة مزدوجة إلى إسرائيل كي تفهم أن إيران تدعم حزب الله وأن الحزب "سيدافع" عن إيران إذا ما تعرضت لهجوم من إسرائيل؛ رسالة تحذير إلى اللبنانيين من اتهام حزب الله باغتيال [رئيس الوزراء الشهيد] رفيق الحريري. باختصار، فإن لبنان، هذا البلد الصغير الذي لا أهمية استراتيجية له، أدى دور حلبة الملاكمة في المنطقة. ففي تلك الحلبة، تدور صراعات استراتيجية شرسة لفرض السيطرة والهيمنة، وتدور، بصورة خاصة، حرب باردة بين بعض الدول العربية وبين إيران وحلفائها، بين ما يسمى بالمحور "الموالي للغرب" وبين المحور الذي يعتبر معادياً لأميركا.

·       أما سورية التي زارها أحمدي نجاد في أيلول/ سبتمبر فلم تبالغ في ردة فعلها على الاستقبال الذي حظي به الرئيس الإيراني في لبنان، إذ إن الصحافة السورية نقلت تصريحاته بشكل انتقائي. ولا يزال لبنان منطقة نفوذ سورية، وليس لدى دمشق نية تسليمها إلى طهران. وهذا هو أيضاً "سر نجاح" التحالف القائم بين إيران وسورية ـ تفاهم على احترام حدود منطقة النفوذ التابعة لكل منهما.

·       كان يمكن أن يكون لإسرائيل دور رئيسي في لعبة القوى الجبارة هذه. فاستئناف المفاوضات مع سورية، وتحديداً على خلفية زيارة أحمدي نجاد، وعقب تصريح [الرئيس السوري] بشار الأسد أن إيران تؤيد مثل هذه المفاوضات، من شأنه وضع إيران أمام معضلة صعبة فيما يتعلق بعلاقاتها مع سورية، ووضع حزب الله في موقف حرج، عندما تكون الدولة الحامية له تتفاوض مع ألد أعدائه.

إن مثل هذه المفاوضات لا يضمن بالضرورة قطع العلاقات بين إيران وسورية، نظراً إلى أن المصالح المشتركة بينهما ليست مرتبطة بعلاقات كل منهما مع الدول الأخرى، كما أنه لا يعني أن حزب الله سيجرد من سلاحه. غير أن اتفاق السلام بين إسرائيل وسورية سيقلل من التهديد المتأتي من الحدود الشمالية إلى حد كبير، وسيخلق معادلة استراتيجية إقليمية جديدة ربما تكون أكثر أهمية من السلام بين إسرائيل والفلسطينيين.