· قبل بضعة أيام عقد في إحدى العواصم الأوروبية مؤتمر خُصّص للنزاع الإسرائيلي - الفلسطيني، واشترك فيه مسؤولون فلسطينيون رفيعو المستوى وشخصيات أكاديمية من العالم العربي ومن مناطق السلطة الفلسطينية ومن عرب إسرائيل، وكذلك شخصيات من إسرائيل كنت أنا واحداً منها.
· ادعى أحد المسؤولين في السلطة الفلسطينية أن الفلسطينيين فقط هم الذين يمكنهم أن يوفروا لإسرائيل الشرعية التي تتطلع إليها. ويعني هذا الإدعاء أن مفتاح المعركة التي تخوضها إسرائيل في الوقت الحالي ضد حملة نزع الشرعية عنها موجود في رام الله. كما أنه يعني من ناحية أخرى أنه كلما صعدّت إسرائيل حملة مواجهة نزع الشرعية عنها إقليمياً ودولياً، فإنها تزيد وزن "ورقة المساومة" الموجودة في حيازة [رئيس السلطة الفلسطينية] محمود عباس، ذلك بأنه كلما أقدمت على تصعيد مطالبتها الفلسطينيين بالاعتراف بها، فإنها تجسّد بالملموس تعلقها بهذا الاعتراف.
· وتطرّق مشترك فلسطيني آخر إلى الأوضاع الديموغرافية في إسرائيل فادعى أن عدد المواطنين غير اليهود يصل إلى نسبة الثلث تقريباً، وذلك إذا ما أُخذ في الاعتبار عدد السكان العرب الإسرائيليين الذين تبلغ نسبتهم نحو 20% وعدد العمال الأجانب وعائلاتهم ومئات آلاف المهاجرين من دول الاتحاد السوفياتي السابق الذين ترفض إسرائيل الاعتراف بيهوديتهم وتضع عراقيل كبيرة أمام اعتناقهم الديانة اليهودية. ووفقاً لهذه الأوضاع الديموغرافية فإن عدد غير اليهود بعد جيل واحد أو بعد جيلين على الأكثر سيصل إلى نصف عدد السكان في إسرائيل، وبذا فإنها ستتحول إلى دولة متعددة القوميات نتيجة السياسة التي تتبعها بشكل متعمد.
· ولا بُد من أن أضيف إلى ذلك أيضاً أن اقتراح وزير العدل يعقوب نئمان الداعي إلى إلزام المهاجرين من الاتحاد السوفياتي السابق، من الآن فصاعداً، بقسم يمين الولاء لإسرائيل باعتبارها دولة يهودية وديمقراطية، يعتبر دليلاً بارزاً على السياسة المتناقضة التي نقوم بإتباعها، ذلك بأن الحاخامية الرئيسية في إسرائيل لن تعترف بيهودية هؤلاء على الرغم من قيامهم بأداء يمين الولاء المذكور.
وهكذا يمكن القول إن سياسة إسرائيل العملية إزاء قضيتين حساستين للغاية [قضية نزع الشرعية عنها وقضية يهودية المهاجرين الجدد] ستعود عليها بالوبال الشديد. ولا شك في أن هذا الأمر لا يعتبر قدراً محتوماً، إذ إن في إمكاننا طبعاً أن نكفّ عن إنتاج مخاطر تهدد وجودنا.