· بعد يوم من انتهاء فترة تجميد البناء في المستوطنات، أخذ البعض يكيل المديح والثناء لـ [رئيس الحكومة] نتنياهو كونه تمكّن سياسياً من تجاوز قضية البناء في المستوطنات من دون أن يدفع أي ثمن لقاء ذلك. ولكن كلما دقّت الساعة وارتفع ضجيج الجرافات على تلال المناطق [المحتلة]، اتضح الاتجاه الذي تسير إسرائيل فيه. إن الحساب السياسي لقرار السماح للمستوطنين بالعودة إلى البناء بات واضحاً، فالمفاوضات [مع الجانب الفلسطيني] على وشك أن تُنسَف، والمسؤولية عن ذلك تُلقى على قرار إسرائيل معاودة البناء في المستوطنات.
· مَن يعتقد أن نتنياهو والمستوطنين يستطيعان التمتع بصورة الساعين للسلام، في الوقت الذي يسعيان للاستيلاء على كل قطعة أرض في الضفة الغربية، هو على خطأ كبير. وإذا كان هناك مَن لا يفهم الرسالة التي انطوت عليها الأيام القليلة الفائتة، فحريّ به أن يفهم أنه إذا لم يُستأنف التجميد خلال الأيام المقبلة، فإن إسرائيل ستواجه أزمة كبيرة وخطرة ستلحق ضرراً فادحاً بقدرتها على تحقيق مكاسب أكبر في أي تسوية سياسية مستقبلية.
· يتبين منذ الآن أن إسرائيل، بسبب خضوع نتنياهو لأعضاء الكنيست اليمينيين وممثلي المستوطنين، رفضت اقتراحاً أميركياً يقضي بمنح إسرائيل وجوداً في غور الأردن بعد اتفاق السلام، وهو ما يُعدّ رصيداً أمنياً لأي حكومة يمينية تريد التوصل إلى اتفاق. لقد فضّل رئيس الحكومة المحافظة على أمنه السياسي [بقائه في السلطة] على الأمن العسكري والاستراتيجي للدولة برمتها.
· إن كل من يؤيد الحل المستقبلي المتمثل في قيام دولتين لا يمكنه أن يفهم السبب الذي يجعل إسرائيل تختار مخاصمة العالم كله، وإدارة ظهرها لأقرب حلفائها، وإهانة شريكها المحتمل في السلام، لمجرد الاستمرار في عملية الانتحار الجماعي التي تشمل نقل مئات الآلاف من الإسرائيليين للإقامة في المناطق [المحتلة]. إن نجاح هذه الخطوة، وهذا ما فهمه ليكوديون سابقون مثل إيهود أولمرت وتسيبي ليفني وأريئيل شارون، سيعني فقدان الغالبية اليهودية في دولة إسرائيل وتحويلها إلى دولة ثنائية القومية.
من دون وقف البناء في المستوطنات، سنكتشف جميعاً بعد بضعة عقود من الزمن أنه لا توجد فرصة لتحقيق السلام، وأننا عالقون إلى الأبد مع الفلسطينيين في دولة ثنائية القومية ـ دولة تسودها النزاعات، مكروهة ومنبوذة في العالم، ومن دون أكثرية يهودية.