نتنياهو خشي من تبعات الوعود الأميركية المشروطة ولذلك رفضها
المصدر
معاريف

تأسست في سنة 1948، وخلال العشرين عاماً الأولى من صدورها كانت الأكثر توزيعاً في إسرائيل. مرّت الصحيفة بأزمة مالية خانقة بدءاً من سنة 2011، واضطرت إلى إغلاق العديد من أقسامها، إلى أن تم شراؤها من جديد في سنة 2014.  تنتهج خطاً قريباً من الوسط الإسرائيلي، وتقف موقفاً نقدياً من اليمين.

المؤلف

·       إن الخطوة الأميركية كانت في اتجاهين، ولم تنطو على رسالة واحدة، وإنما اثنتين. الأولى موجهة إلى نتنياهو، والثانية إلى أبو مازن. وفور كشف الصحافي إيلي برندشتاين في صحيفة "معاريف" عن الرسالة الموجهة إلى نتنياهو، سارع أحد مساعدي دنيس روس إلى تأكيد ما ورد فيها من تفصيلات.

·       ما حدث وراء الكواليس هو التالي: بعث أوباما برسالة إلى أبو مازن تعهد فيها في حال بقاء الفلسطينيين في المفاوضات المباشرة، بأن تقوم الولايات المتحدة عامة، والرئيس أوباما خاصة، بدعم قيام دولة فلسطينية على أساس حدود 1967، مع تبادل للأراضي. وهذه رسالة غير مسبوقة، وهي بعيدة المدى، لكنها مشروطة، فإذا ترك الفلسطينيون المفاوضات تصبح لاغية (من المفترض أن تتخذ جامعة الدول العربية قراراً بهذا الشأن في 4 تشرين الأول/ أكتوبر).

·       أما الرسالة الموجهة إلى نتنياهو فتستند إلى مبدأ مشابه: فالرزمة الضخمة من التقديمات التي بلورتها الإدارة الأميركية تصبح نافذة المفعول فقط في حال وافق نتنياهو على تمديد التجميد شهرين، وإذا لم يوافق، فإن كل شيء يصبح لاغياً.

·       لقد رفض نتنياهو العرض الأميركي، ليس لأنه غير موافق عليه، فهو لا يعرف ماذا يريد، وإنما لأن الاقتراح لم يحظ بالأغلبية، ذلك بأن أربعة وزراء من طاقم الوزراء السبعة يعارضونه بشدة. كما أن نتنياهو يخشى من الخسارة داخل الائتلاف الحكومي. وهكذا، فإن نتنياهو مرة أخرى، فضّل أن يبقى ورقة في مهب الريح، وضيّع عليه فرصة أن يتحول إلى زعيم.

·       إن خوف نتنياهو الحقيقي ليس من تجميد البناء شهرين إضافيين، وإنما من الضغوط الشديدة التي ستمارس عليه خلالهما من أجل إنهاء المفاوضات بشأن الحدود، بحيث لا يكون هناك حاجة إلى تمديد التجميد مرة أخرى. وآخر شيء يرغب فيه نتنياهو اليوم هو مفاوضات بشأن الحدود. وهو لايعرف كيف وصل إلى هذه الوضعية الغربية، لكن مناوراته ومكائده دفعت به إلى مكان لا منفذ منه. وهو الآن مضطر إلى رفض هذا العرض المغري والبعيد المدى من التقديمات والتعهدات الأميركية الكثيرة، في مقابل بضعة أسابيع من تجميد البناء في المناطق، وإلى دفع الثمن سياسياً وشعبياً. وذلك كله كي لا يواجه بعد شهرين وضعاً ضاغطاً أكثر.

·       إن الكرة اليوم في ملعب حزب العمل، وعلى أعضائه أن يتوقفوا عن التصرف بشكل أخرق، إذ ليس هناك فرصة أخرى: فجلسة الحكومة ستجري في الوقت نفسه الذي سيجري فيه اجتماع جامعة الدول العربية. هناك كثيرون يعتقدون أن حزب العمل سيستقيل من الحكومة، ويمكننا اليوم أن نفهم سبب استعجال باراك في تعيين رئيس أركان جديد للجيش.

·       وفي حال استقال حزب العمل، فإن نتنياهو سيبقى مع 61 عضواً للكنيست. ويمكننا الافتراض أنه سيحظى بشبكة أمان من حزب "البيت اليهودي" ما دام لم يمدد تجميد البناء. وحتى داخل حزب كاديما، فإن هناك بعض أعضاء الكنيست الذين لن يصوتوا إلى جانب حجب الثقة. فنتنياهو لن يسقط بصورة تلقائية، لكن ما سيحدث هو تآكل بطيء، وعملية احتضار بشعة، وكثير من المشكلات بيننا وبين واشنطن، والتي سندفع ثمنها غالياً.

·       لقد أثبت أفيغدور ليبرمان أن لا منافس له بين السياسيين. وهو يعزز مكانته في وسط ويمين الخريطة السياسية. أما نتنياهو الذي يشاهد ذلك كله، فيرتعد من الخوف، ولهذا السبب نراه يرفض ترك ساحة اليمين. وإذا انهار وجنح يساراً، فإن ليبرمان هو الذي سيمثل اليمين الجديد، وسيرث نتنياهو والليكود.

·       وعندما يصبح ليبرمان هو الممثل لليمين الجديد، فإن خطته السياسية ستصبح ذات مغزى، لأنه بعكس نتنياهو، يعرف ما يريد وكيف يصل إلى هدفه.