عُلم خلال اليومين الفائتين أنه فضلاً عن الرسالة التي مررها الرئيس الأميركي باراك أوباما إلى رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، والتي تضمنت تعهدات أميركية بعيدة المدى تتعلق بأمن إسرائيل في مقابل الموافقة على مطلب واشنطن تمديد تجميد أعمال البناء في المستوطنات [في الضفة الغربية] ستين يوماً أخرى، فإن أوباما قام بتمرير رسالة شبيهة إلى رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس تضمنت هي أيضاً تعهدات أميركية بعيدة المدى، في مقدمها تأييد إقامة دولة فلسطينية على أساس حدود 1967 مع إمكان القيام بتبادل أراض، وذلك في حال موافقة الفلسطينيين على الاستمرار في المفاوضات المباشرة مع إسرائيل.
وقد أكد الباحث ديفيد ميكوفسكي من "معهد واشنطن للسياسات الشرق الأوسطية"، في مقال نشره في الموقع الإلكتروني للمعهد على شبكة الانترنت، نبأ قيام أوباما بتمرير رسالة تعهدات بعيدة المدى إلى نتنياهو، كما أنه قدّم تفصيلات تتعلق بجوهر الضمانات التي ستمنحها الولايات المتحدة لإسرائيل في مقابل موافقة هذه الأخيرة على مطلب تمديد تجميد الاستيطان في المستوطنات ستين يوماً أخرى.
وفي إثر مضمون جوهر الاقتراحات التي عُرضت على نتنياهو من جانب أوباما، فإن بضعة وزراء كبار من حزبي الليكود والعمل، جزء منهم عضو في "طاقم الوزراء السبعة" وجزء آخر عضو في المجلس الوزاري المصغر للشؤون السياسية والأمنية، بدأوا يمارسون ضغوطاً على رئيس الحكومة كي يعرض هذه الرسالة على المجلس الوزاري المصغر. وقال بعض هؤلاء الوزراء خلال أحاديث مغلقة: "إننا نعتقد أن على نتنياهو حسم الردّ على الرسالة معنا، وألاّ يرفض الاقتراحات الأميركية البعيدة المدى بمفرده". وأضاف هؤلاء: "كما أن من المهم فعل ذلك قبل الاجتماع الذي ستعقده لجنة المتابعة العربية الأسبوع المقبل [في 4 تشرين الأول/ أكتوبر الحالي]، لأن هذا الاجتماع سيحسم مصير المفاوضات المباشرة [بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية]".
وكانت صحيفة "معاريف" (29/9/2010) ذكرت أن أوباما قام بتمرير رسالة إلى نتنياهو تتضمن تعهدات أميركية بعيدة المدى تتعلق بأمن إسرائيل، وذلك في مقابل الموافقة على مطلب واشنطن تمديد تجميد أعمال البناء في المستوطنات [في الضفة الغربية] ستين يوماً أخرى.
وقالت الصحيفة إن رسالة الضمانات الأميركية هذه تُعتبر نادرة في تاريخ العلاقات بين الدولتين، وهي تأتي في إطار المحاولات الكبيرة التي تقوم الإدارة الأميركية ببذلها في الآونة الأخيرة من أجل منع انهيار المفاوضات المباشرة.
وأوضحت أن وزير الدفاع الإسرائيلي إيهود باراك والمبعوث الخاص لنتنياهو إلى مفاوضات السلام المحامي يتسحاق مولخو قد عملا، أسبوعاً كاملاً، مع المسؤولين الأميركيين، في صوغ التفصيلات التي وردت في الرسالة.
وأشارت الصحيفة إلى أنه على الرغم من ذلك، فإن نتنياهو، على الأقل حتى مساء 28/9/2010، كان لا يزال معارضاً تجميد أعمال البناء في المستوطنات ستين يوماً أخرى. لكنها أضافت أنه في حال إصرار رئيس الحكومة على رفض تجميد البناء نهائياً، فإن الإدارة الأميركية تدرس تقديم مبادرات حُسن نية إلى الفلسطينيين من الصنف الذي يمكن أن يكون "مؤلماً للغاية" بالنسبة إلى إسرائيل، على غرار اعتراف أميركي علني بخطوط 1967 (بما في ذلك تبادل أراض)، كي تكون إطاراً عاماً للمفاوضات المتعلقة بالتسوية النهائية بين إسرائيل والفلسطينيين.
ويتبين الآن أن هذه الرسالة تتضمن تعهداً من الإدارة الأميركية بتأييد مطلب إسرائيل بقاء قوات تابعة للجيش الإسرائيلي في غور الأردن، حتى في إثر قيام إسرائيل والسلطة الفلسطينية بتوقيع اتفاق نهائي يشمل إقامة دولة فلسطينية. ويُعتبر هذا المطلب واحداً من المطالب الرئيسية لنتنياهو في إطار المفاوضات المباشرة، وقد رفضه الفلسطينيون بصورة حازمة. كما أن رسالة أوباما تؤكد حاجة إسرائيل إلى ضمان عدم تهريب أسلحة ووسائل قتالية إلى تخوم الدولة الفلسطينية التي ستقام، وتتعهد بتعزيز القدرات الدفاعية لدى إسرائيل بواسطة تزويدها بمزيد من الأسلحة المتطورة، ويجري الحديث تحديداً عن تزويدها بمزيد من طائرات إف 35 ومنظومات صواريخ ذات مديات متعددة ومنظومات مضادة للصواريخ ومنظومات إنذار مبكر بما في ذلك أقمار اصطناعية متطورة. ويعني هذا كله زيادة المساعدات الأمنية الأميركية لإسرائيل بصورة كبيرة. من ناحية أخرى، فإن رسالة أوباما تتعهد بإقامة هيئة أمنية إقليمية استشارية بالتعاون بين إسرائيل والدول العربية يكون هدفها المركزي مواجهة إيران.
وفضلاً عن ذلك، فإن الرسالة تتضمن أيضاً ما يلي: تعهد أميركي بإحباط أي مبادرة عربية تتعلق بمسألة الدولة الفلسطينية يتم طرحها في غضون العام المقبل على مجلس الأمن؛ تعهد أميركي بعدم تمكين الفلسطينيين من طرح مسألة المستوطنات ضمن أي إطار مستقل عن المفاوضات المباشرة بهدف ممارسة الضغوط على إسرائيل، كما يحدث في الوقت الحالي، الأمر الذي يعني أن مستقبل المستوطنات سيتم حسمه في إطار التسوية النهائية وليس قبل ذلك.
وكان المبعوث الأميركي الخاص إلى الشرق الأوسط جورج ميتشل التقى أول من أمس (الأربعاء) رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، والتقى أمس (الخميس) رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس. وسيلتقي كلاً منهما اليوم (الجمعة). وقال مصدر سياسي إسرائيلي رفيع المستوى إن "ميتشل يحمل في جعبته مزيداً من الإغراءات إلى كل من الجانبين [كي يستأنفا المفاوضات المباشرة]".