جمدوا الاستيطان الآن!
المصدر
The Jerusalem Post

صحيفة يومية تصدر باللغة الإنكليزية، تأسست في سنة 1933، وكان اسمها في البداية "فلسطين بوست" إلى أن غيّرته في سنة 1950 إلى جيروزالم بوست. تصدر عنها نسخة باللغة الفرنسية. حتى الثمانينيات من القرن الماضي، انتهجت خطاً يسارياً، وكانت قريبة من حزب العمل الإسرائيلي، لكنها غيّرت توجُّهها وأصبحت قريبة  من اليمين، ومن الوسط في إسرائيل.

المؤلف
  • تقف إسرائيل اليوم أمام منعطف خطر، وذلك في ظل تصاعد الخطر النووي الإيراني، والرمال المتحركة للربيع العربي، والجمود الكامل في العملية السياسية، واستمرار حملة نزع الشرعية عن إسرائيل في العالم. وحتى الآن لم تتعد ردة فعل الحكومة على هذه التحديات البيانات الصحافية والمقابلات غير المسؤولة في ظل غياب كامل للمبادرة السياسية.
  • ليست الأخطار الإقليمية بالأمر الجديد في الشرق الأوسط، فقد سبق أن واجهناها سابقاً، أيام حكومة بيرس - رابين، عندما كنتُ عضواً في الوفد الإسرائيلي للمفاوضات مع الفلسطينين والسوريين، ويومها لم تقتصر النقاشات مع المؤسسة العسكرية على منظمة التحرير أو على حافظ الأسد، بل امتدت على نطاق أوسع وتناولت التهديد الإيراني في حال امتلكت إيران القدرة النووية.
  • وكان واضحاً بالنسبة إلى قادتنا آنذاك أن مواجهة التهديدات التي يتعرض لها أمننا القومي تتطلب إقامة منطقة عازلة بيننا وبين إيران، كذلك علينا تعزيز مكانتنا بين الدول، وفي طليعتها الولايات المتحدة. وقد أدى هذا التصور إلى نشوء العملية السياسية مع الفلسطينيين، وإلى تحقيق السلام مع الأردن، وإلى استئناف التطبيع مع مصر، وإلى تحسن علاقاتنا الدولية. يومها، كان العالم العربي والمجتمع الدولي يتفقان مع وجهة نظرنا بشأن الخطورة التي تمثلها إيران.
  • وينطبق هذا المنطق على الوضع الحالي أيضاً، فنظراً إلى أن استخدام العمل العسكري ضد إيران معناه جر المنطقة إلى حرب غير تقليدية، لذا يجب أن يأتي الرد على التحدي الإيراني من المجتمع الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأميركية. أمّا بالنسبة إلينا فيجب أن نقيم حزاماً واقياً من حولنا بدءاً من الفلسطينيين، وأن نعمل على إنقاذ السلام مع مصر والأردن، وأن نحسن علاقاتنا مع تركيا، ونعزز تحالفنا الاستراتيجي مع الولايات المتحدة. إلاّ إنه بدلاً من ذلك، اتخذت الحكومة الأسبوع الماضي قراراً بإنشاء 2000 وحدة سكنية ما وراء الخط الأخضر.
  • إن على الحكومة الإسراع في تقديم عرض واقعي للسلطة الفلسطينية يؤدي إلى استئناف العملية السلمية، وعليها أيضاً أن تقترح إجراء مفاوضات مباشرة بشأن الحدود والأمن، وذلك بالاستناد إلى خطاب باراك أوباما في واشنطن، وأن تقوم بتجميد الاستيطان لمدة ستة أشهر.
  • لقد حان الوقت كي تختار الحكومة بين نصائح غوش إيمونيم [حركة استيطانية متدينة متطرفة ترفض الانسحاب من الضفة الغربية]، وبين نصائح المؤسسة الأمنية الداعية إلى الشروع في عملية سلام قابل للحياة، ولا سيما في ظل الوضع المتفجر في المنطقة.
  • حتى الآن، فإن خيار الحكومة واضح، إذ هي تريد أن تكون حكومة المستوطنين الذين يبلغ عددهم اليوم 330 ألف مستوطن يقيمون على نحو عشرة في المئة من الأرض، ويشكل هؤلاء حالياً أولوية بالنسبة إليها. ففي مجال التعليم، تنفق الحكومة على المستوطنين مبالغ تفوق بنسبة 30٪ ما تنفقه على الإسرائيليين الذين يسكنون داخل الخط الأخضر. كذلك، فإن أسعار الشقق الوحيدة المعقولة هي تلك الموجودة اليوم في الضفة الغربية.
  • ينبغي لنا أن نفهم أنه بالنسبة إلى الفلسطينيين لا تشكل المستوطنات ذريعة للتهرب من المفاوضات، وإنما تشكل تحدياً مباشراً لرغبتهم في إقامة دولة فلسطين ضمن حدود 1967 مع الاتفاق على تبادل الأراضي. فنحو 80٪ من المستوطنات الجديدة أو من "البؤر الاستيطانية" مبنية بصورة جزئية أو كلية على أراض فلسطينية خاصة، وينطبق هذا على أريئيل، كبرى المستوطنات، إذ إن 35٪ من مساحتها مشيدة على أراض فلسطينية خاصة. كذلك، فإن نحو 65٪ من أعمال البناء الجديدة في المستوطنات تجري شرقي الجدار الفاصل.
  • وتشكل سياسة الاستيطان لحكومة نتنياهو اختباراً حقيقياً لمدى استعدادها لاتخاذ قرارت صعبة من أجل السلام، ففي مسألة المستوطنات، ستكون إسرائيل وحدها في مواجهة العالم كله بمن فيه الولايات المتحدة. من هنا، فإن الاستمرار في سياسة الاستيطان سيؤدي إلى كارثة، لأنه سيقضي على حل الدولتين، وقد يتسبب بنشوب انتفاضة جديدة في الضفة الغربية، وسيقرب "فتح" من "حماس"، وسيعرض اتفاقيتي السلام مع مصر والأردن للخطر، كما سيهدد علاقاتنا الاقتصادية مع الاتحاد الأوروبي....