التهويل بالخطر الإيراني هدفه رفض التقليص في ميزانية الأمن
تاريخ المقال
المصدر
هآرتس
من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".
- في كل مرة كان يشتد فيها الجدل بشأن حجم ميزانية الأمن في إسرائيل، يبدأ قادة الأجهزة الأمنية بالحديث عن "صواريخ شهاب 3 موجهة إلى تل أبيب"، ويجري استدعاء المراسلين العسكريين على عجل إلى لقاء مع كبار الضباط يطلعونهم خلاله على أسرار تقدم المشروع النووي الإيراني والصورايخ الموجهة إلى المدن. وفي اليوم التالي، كانت تبرز عناوين كبيرة في الصحف تتحدث عن الصواريخ الموجهة مباشرة إلى قلب الدولة، وعن استحالة تقليص ميزانية الأمن.
- لكن إيهود باراك واجه مشكلة هذا العام، فقد قررت الحكومة غصباً عنه تقليص ميزانية الأمن وإخضاعها للرقابة والشفافية. وعلى الرغم من أن التقليص لم يكن كبيراً وجاء محدوداً، إلاّ إن باراك لم يرض بذلك، وقرر أن يقول أمام لجنة المال إن إسرائيل قد تضطر إلى مهاجمة إيران وحدها من دون مساعدة الآخرين، وحدد موعداً لذلك في سنة 2012، "سنة الحسم". فمن يملك جرأة المطالبة بتقليص الميزانية، في وقت تنتظرنا في العام المقبل حرب هي بالنسبة إلينا معركة حياة أو موت؟
- إن أسلوب التخويف الذي يستخدمه القادة العسكريون ليس جديداً، إذ لطالما لجأ وزراء الدفاع إلى التلويح تارة بالخطر المصري، وتارة أخرى بصدام حسين والجبهة الشرقية، والآن لم يبق لديهم غير أحمدي نجاد. في الحقيقة، ليس هناك علاقة بين المخاطر الحقيقية وبين حجم ميزانية الأمن، وغالباً ما يميل الجيش الإسرائيلي إلى المبالغة في التهديدات، ويطالب بزيادات يحدد حجمها النفوذ السياسي الذي يملكه وزير الدفاع لا الخطر الحقيقي.
- وسواء ربحنا الحرب مثلما حدث في سنة 1967، أم خسرناها كما جرى في سنة 1973، ففي الحالتين كانت ميزانية الأمن تزداد. ولم يغير توقيعنا اتفاق سلام مع مصر والأردن وهدوء الجبهة الشرقية ودخولنا إلى لبنان وخروجنا منه شيئاً، ففي جميع الحالات، كانت الميزانية تزداد.
- أمّا تقليص الميزانية، فغالباً ما كان يتم من دون أن يكون لذلك صلة بالمخاطر التي تتربص بنا، وإنما نتيجة أزمات اقتصادية حادة. وهذا ما حدث في سنة 1951 عندما لم يكن لدى بن - غوريون المال من أجل شراء القمح والوقود، وفي سنة 1985 خلال أزمة التضخم الكبيرة التي مررنا بها.
- لم يكشف باراك هذا الأسبوع لدى حديثه عن إيران عن عدم مسؤولية ألحقت الأذى بأمن الدولة فقط، وفق ما قاله الوزير موشيه يعالون، بل كشف أيضاً عن جهل في المجال الاقتصادي. فهو يقول إن على الدولة زيادة الموارد من أجل معالجة الاحتجاج الاجتماعي، ثم يعود إلى المطالبة بزيادة ميزانية الأمن نحو سبعة إلى ثمانية مليارات شيكل سنوياً لمواجهة المخاطر التي تتربص بإسرائيل من جانب "حماس" في غزة، وحزب الله في لبنان، وإيران.
- وكان وزير المال قد أعلن هذا الأسبوع أن المداخيل من الضرائب قد تراجعت نتيجة تباطؤ الاقتصاد وخسائر البورصة. فكيف يمكن والحال هذه زيادة النفقات؟ ألم يسمع باراك بالأزمة الخانقة التي تمر بها اليونان، إذ إن هذه الدولة تصرفت خلال الأعوام الأخيرة بالطريقة نفسها التي يقترحها باراك اليوم، فقامت بزيادة نفقاتها من دون حساب وضاعفت ديونها واستحصلت على قروض، إلى أن انهارت. فهل يعلم باراك أنه يعرض إسرائيل للمصير نفسه في حال أصغينا إلى نصائحه؟
- ترى ما الأكثر خطورة، هل هو كلام باراك غير المسؤول في الموضوع الإيراني، أم اقتراحاته غير المسؤولة في المجال الاقتصادي؟