عدم الإفراج عن شاليط يخيم بظلّه على نتائج العملية العسكرية في غزة
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

·      لا شك في أن الانشغال الواسع بجهود تحريك المفاوضات بشأن الإفراج عن [الجندي الإسرائيلي الأسير لدى "حماس"] غلعاد شاليط، سواء لدى القيادة السياسية - الأمنية، أو لدى وسائل الإعلام الإسرائيلية، ناجم عن عاملين رئيسيين: الأول - خيبة الأمل لدى الرأي العام الإسرائيلي عامة، ولدى الجنود الذين اشتركوا في العملية العسكرية في غزة خاصة، من انتهاء المعركة من دون إعادة الجندي المختطف. والثاني - تصاعد الآمال التي لا يزال من السابق لأوانه تقدير مدى واقعيتها، بأن تسرّع نتائج العملية العسكرية دفع الاتصالات [بين إسرائيل و"حماس"] قدماً.

·      ولا شك أيضاً في أن إعادة شاليط ستكون بمثابة "إغلاق الملفات كلها" من ناحية رئيس الحكومة الإسرائيلية، إيهود أولمرت، لأنه سيصبح في إمكانه آنذاك أن يدّعي أنه أزال آخر ظل قاتم ما زال يخيم فوق ولايته، علاوة على قيامه بتصحيح مساره خلال الفترة الواقعة بين حرب لبنان الثانية [في صيف سنة 2006] وحرب غزة [في سنة 2009].

·      غير أنه من أجل تحقيق ذلك، يتعين على الحكومة الإسرائيلية أن تعتمد خطة جديدة لصفقة شاليط، إذ إن المفاوضات بشأنها، والتي جرت قبل الحرب على غزة، وصلت إلى طريق مسدود.

·      في هذه الأثناء، لا تزال إسرائيل ترهن فتح المعابر بإعادة شاليط. أمّا "حماس" فترفض هذا الموقف جملة وتفصيلاً، وتعتبر فتح المعابر مسألة ملحة يجب حلها على الفور، كما تعتبر أن مسألة شاليط لا تزال مطروحة للمفاوضات، وهي لا تنوي التنازل بشأنها خلال المفاوضات. وقال إسماعيل رضوان، أحد الناطقين باسم "حماس"، لصحيفة "هآرتس"، أمس، إنه من غير المعقول ألاّ تفتح المعابر كلها، بما في ذلك معبر رفح، بصورة كاملة، عقب الدمار الكبير الذي ألحقته إسرائيل بغزة.

·      ستواجه إسرائيل صعوبة في قبول هذا المطلب، إذ إن إدخال مختلف أنواع البضائع إلى غزة قد يعني إعادة إنتاج الصواريخ بواسطة مواد الحديد والصلب التي سيتم توفيرها، وإعادة بناء الاستحكامات العسكرية، وهو ما قد يسفر عن ترسيخ سلطة "حماس" مرة أخرى. كما أن من شأن ذلك أن يعني الاعتراف بسلطة "حماس"، بحكم الأمر الواقع، وهو خطوة امتنعت إسرائيل من الإقدام عليها منذ أن فازت الحركة في انتخابات المجلس التشريعي الفلسطيني في كانون الثاني/ يناير 2006.

·      غير أن تقليص حركة نقل البضائع في المعابر لم ينجم عن اعتبارات أمنية فقط، وإنما انطوي أيضاً على توقعات إسرائيلية بأن يؤدي تفاقم المحنة الاقتصادية إلى إسقاط سلطة "حماس"، وذلك على الرغم من أن تجربة الأعوام الثلاثة الفائتة تؤكد أن هذه الاستراتيجيا قد منيت بالفشل الذريع، إذ لا يزال سكان غزة، في معظمهم، يؤيدون "حماس"، وربما حان الوقت لإعادة دراسة هذه السياسة الإسرائيلية مرة أخرى.