تطرف المتدينين ردة فعل على تطرف العلمانيين
تاريخ المقال
المصدر
هآرتس
من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".
- تتزايد التقارير التي تتحدث عن التطرف الديني وسط الجمهور المتدين في إسرائيل. فبعد قضية مقاطعة المجندين المتدينين العروض المسرحية المختلطة [كان الحاخام الأكبر في إسرائيل قد أصدر فتوى تجيز للمجندين المتدينين عدم الاستماع إلى غناء النساء في الجيش، داعماً بذلك موقف الحاخام العسكري الأكبر من المسألة]، برزت مطالبة مدير قسم التربية الدينية في وزارة التعليم أبراهام ليفشيتس باستبعاد المدربين العلمانيين عن الإعداد المدني لأساتذة التعليم الديني.
- قبل 20 أو 30 عاماً، لم يخطر في بال المجندين المتدينين المطالبة بعدم الاستماع إلى غناء النساء، كما لم يخطر في بال الأساتذة المتدينين المطالبة بمدربين غير علمانيين.
- إن سبب هذا التطرف اجتماعي أكثر مما هو ديني، وهو يعود إلى إحساس المعسكر الديني، الذي بات أكثر قوة، بأنه بحاجة إلى مراعاة خصوصية هويته، وهو أيضاً رد على الخطوات التي حدثت في المعسكر العلماني. فعلى سبيل المثال، نجد أن التشدد الذي طرأ على أحكام العفة الدينية هو ردة فعل على التساهل الكبير الذي طرأ على عادات المجتمع العلماني في العقود الأخيرة، فكلما ازداد التساهل والإباحة في الملبس وفي العلاقات الجنسية وسط المجتمع العلماني، كلما ازداد التطرف وسط جزء من الأوساط المتدينة. وكلما ازدادت مطالبة المعسكر العلماني – الليبرالي بضرورة تغليب الطابع الديمقراطي للدولة على يهوديتها، ازدادت مطالبة المعسكر الديني بتغليب الطابع اليهودي للدولة.
- هذا لا يعني أن على الجمهور العلماني أن يكيف عالمه وقيمه بناء على ردات فعل المتدينين، لكن عليه أن يعترف بأن التطرف لم يطرأ على المتدينين فقط، وأن عمليات الاستقطاب التي تحدث في معسكر معين تؤدي إلى ردات فعل لدى المعسكرات الأخرى وتؤثر فيها.
- من هنا، فإن دور مؤسسات الدولة يكمن في الحفاظ على سياسة متوازنة. فعلى سبيل المثال، يجب أن تراعي سياسة الاختلاط بين النساء والمتدينين في الجيش حق النساء في الخدمة العسكرية، وفي المقابل، فإن على هذه السياسة أن تحفظ حق المتدينين في المحافظة على قيمهم ما داموا لا يفرضونها على الآخرين ولا يهينون النساء.