· لا ضرورة لأن تكون من معارضي قيام الدولة الفلسطينية نتيجة التفاوض مع إسرائيل كي تستوعب أهمية التصريحات الاستثنائية التي أدلى بها المرشح الجمهوري للرئاسة الأميركية نيوت غينغريتش إلى إحدى محطات التلفزة اليهودية، والتي قال فيها إن "الشعب الفلسطيني هو شعب مخترَع." فهذا الكلام يعبر عن قناعة كثيرين من الإسرائيليين. لكن غينغريتش لا يتنافس على معقد في الكنيست الإسرائيلي، وهو ليس مرشحاً على قائمة حزب الاتحاد القومي، وإنما هو مرشح للرئاسة الأميركية، والكلام الذي قاله هو جزء من خطة ترمي إلى قضم جزء من أصوات اليهود في الولايات المتحدة التي تذهب في أغلبيتها إلى الحزب الديمقراطي.
· يُعتبر غينغريتش من أبرز المؤيدين لإسرائيل منذ وقت طويل وليس في فترة الانتخابات الأميركية فقط، لكنني أشك في أن موقفه الأخير سيحقق هدفه وسيجذب الصوت اليهودي، إذ علينا أن نعترف، مع الأسف الشديد، بأن موضوع إسرائيل لم يعد موجوداً في مركز اهتمامات الناخب اليهودي الأميركي، وما يهم الأميركي العادي من أبناء الشعب في المرشحين للرئاسة هو وضعهم المالي وأعمالهم، لا مسألة تاريخية فلسفية مثل هل الشعب الفلسطيني حقيقي أم مخترَع.
· لذا كان من الأفضل لغينغريتش ألاّ يدخل في حملته الانتخابية في نقاش تاريخي، بل كان عليه أن يستخدم الحجج الاستراتيجية الراهنة من أجل إقناع الناخب بأهمية التحالف بين الولايات المتحدة وإسرائيل، وضرورة دعم الدولة الإسرائيلية المستقرة والديمقراطية في ضوء الأحداث التي تجري من حولها، وأهمية مواصلة تقديم المساعدة الكبيرة لها لضمان أمنها.
وما دام اسم إسرائيل قد زُج في صلب المعركة على الرئاسة الدائرة داخل الحزب الجمهوري، فمن الأفضل أن يجري التنافس بين المرشحين تحت عناوين بدأت تختفي من النقاش الأميركي مثل الشراكة الأميركية مع الدول الديمقراطية، والتعاون الاستراتيجي في مرحلة عدم اليقين التي يمر بها الشرق الأوسط. ومن الأجدى أن يُترك التاريخ للمؤرخين، والسياسة للسياسيين.