أوباما يتبنى المقاربة الواقعية
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف

·      يجدر أن نطلق على الخطاب الذي ألقاه الرئيس الأميركي، باراك أوباما، لدى تسلم جائزة نوبل للسلام، الأسبوع الفائت، اسم "البيان الواقعي"، إذ إنه أجمل وجهة نظره السياسية بالكلمات التالية "أقف في مقابل العالم كما هو"، أي باعتباره زعيماً يدرك حدود الطبيعة البشرية، ويرى أن الدبلوماسية هي لعبة القوة، لا باعتباره مسيحاً أو نبياً أو حالماً.

·      وقد حدد أوباما بضع أهداف: محاربة تنظيم القاعدة؛ كبح التسلح النووي؛ تأييد المعارضين لأنظمة الحكم الدكتاتورية؛ التنمية الاقتصادية. ولدى التمعن في هذه الأهداف يمكن القول إن الرئيس الأميركي لا يتبنى مقاربة "الحرب الشاملة على الإرهاب"، على غرار سلفه جورج بوش، وإنما المواجهة الموضعية لتنظيم كان مسؤولاً عن تفجير برجي التجارة العالمية [في نيويورك]، كما أنه لا يتبنى فرض الديمقراطية، وإنما محاربة الأنظمة الدكتاتورية.

·      في الوقت نفسه، فإن أوباما يعتقد أن في إمكان الدبلوماسية والوسائل غير العنيفة تغيير سلوك دول إشكالية. وبناء على ذلك، يمكن تخيل قيامه بزيارة إيران، مثلما قام [الرئيس الأميركي الأسبق] ريتشارد نيكسون بزيارة الصين في سنة 1972 في إبان "الثورة الثقافية" العنيفة في ذلك البلد، والتي أدت في حينه إلى تغيير ميزان القوى العالمي.

·      إن خطاب أوباما ينطوي على بضعة دروس مهمة لإسرائيل: أولاً، أنه لا يرى في إسرائيل حليفاً مهماً، كما رآها سلفه في سياق الحرب على "الإرهاب"؛ ثانياً، أنه يعتبر النزاع الإسرائيلي ـ العربي "نزاعاً بين عرب ويهود" لا مواجهة سياسية استراتيجية؛ ثالثاً، أنه لا يسقط خيار شن حرب وقائية، لكن في حال شنها فإنه سيحرص على مراعاة قوانين الحرب وميثاق جنيف، ولذا، فمن الصعب أن يؤيد عمليات عسكرية مثل التي حدثت في إطار حرب لبنان الثانية وحملة "الرصاص المسبوك".

·      أمّا الدرس الرابع، وهو الأكثر أهمية، فهو أن أوباما يميل إلى عملية سلام متدرجة، أي عدم تجميد الوضع حتى إيجاد حلول للمشكلات كلها. ولهذا السبب فقد أصرّ، كما يبدو، على تجميد الاستيطان حتى لو بصورة غير مطلقة، ولا شك في أنه سيؤيد السلام الاقتصادي وقيام إسرائيل بانسحابات أخرى من الضفة الغربية، وربما سيؤيد التفاوض مع "حماس".