· لا شك في أن التهديد النووي الإيراني هو مشكلة صعبة لإسرائيل، كما أن البدائل كلها الماثلة أمام إسرائيل، في حالة فشل الجهود الدبلوماسية، هي بدائل إشكالية. ولا يجري في إسرائيل، للأسف الشديد، جدل عام في هذا الشأن، فهناك وجهة نظر مركزية يفرضها خبراء استراتيجيون من المؤسسة الأكاديمية ومن الجيش.
· لقد حان الوقت كي نطرح بضعة أفكار في هذا الموضوع، علها تنعش التفكير فيه. في واقع الأمر لم تكن إسرائيل نفسها مؤمنة بأنها ستبقى محتكرة للقوة النووية في المنطقة لفترة طويلة، ولذا، امتلكت قدرات تمكنها من القيام بردة فعل على أي هجوم نووي تتعرض له (ما يسمى بـ"الضربة الثانية"). ونتيجة ذلك، فقد ضمنت لنفسها قدرة كبح أي قوة نووية أخرى في المنطقة.
· إن التاريخ القريب يدل على أن امتلاك أسلحة الدمار الشامل، عندما يصبح متبادلاً، فإن ذلك يؤدي إلى الهدوء وتخفيف حدة التوتر. وعلى الرغم من أن هناك من يقول إن إيران هي قوة متعصبة وغير عقلانية، فإن السؤال الذي يتعين علينا أن نطرحه هو: هل تتصرف إيران بصورة غير عقلانية، لمجرد أنها ترفض قبول إملاءات دول تملك قدرات نووية عسكرية وتدّعي، في الوقت نفسه، أن ذلك مسموح لها، ومحظور على إيران؟
· إن اتباع إسرائيل سياسة منضبطة إزاء التهديد النووي الإيراني سيؤدي إلى دخول المنطقة في إطار جديد من الانضباط الذاتي، شبيه بالإطار الذي كان سائداً في إبان فترة الحرب الباردة، إذ أظهرت هذه الحرب أن قدرات التدمير المتبادلة هي عنصر كابح للأطراف كلها، حتى في غمرة اندلاع نزاعات صعبة وعميقة ومريرة.