الجمهور الإسرائيلي العريض يعرف الثمن الباهظ المطلوب دفعه في مقابل "صفقة شاليط"
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف

·      لا يحتاج المرء إلى أن يكون على عِلْمٍ بأسرار صفقة تبادل الأسرى مع "حماس"، الآخذة في التبلور، كي يدرك أنها تتقدم إلى الأمام، لا بفضل جهود الوسيط الألماني فحسب، وإنما أيضاً بسبب تقلص الفجوات بين الجانبين.

·      وفي واقع الأمر، فإن المشكلة بين الجانبين لم تكن في أي وقت من الأوقات كامنة في عدد الأسرى الذين تطالب "حماس" بهم، إذ من المعروف أن هذه الحركة طالبت بإطلاق 1400 أسير فلسطيني، وأن إسرائيل وافقت على إطلاق 1000 أسير فقط، ووافقت "حماس" على ذلك. كما اتفق الجانبان على أن يتم الإفراج على مرحلتين: في البداية تفرج إسرائيل عن 350 أسيراً لدى نقل غلعاد شاليط إلى مصر، وفقاً لقائمة متفق عليها بين الجانبين، وفي مرحلة لاحقة تفرج عن 550 أسيراً آخر، وفقاً لقائمة تختارها هي، وفي التوقيت الذي تحدده.

·      كما بات معروفاً أنه بعد الاتفاق على عدد الأسرى بدأت المساومات بشأن هوياتهم، وعندها وصلت المفاوضات بين الجانبين إلى طريق مسدودة.

·      من ناحية أخرى، فإن الخلافات الكبيرة بين "حماس" والسلطة الفلسطينية، في إثر سيطرة الأولى على قطاع غزة، كانت عقبة أمام إمكان تسريع المفاوضات.

·      إن ما يجب قوله، بصريح العبارة، هو أن المفاوضات بين إسرائيل و"حماس" كانت تتركز على الأسماء. ووفقاً لما نشرته وسائل إعلام أجنبية، خلال الأيام القليلة الفائتة، فإن الفجوة في هذا الشأن بين الجانبين تقلصت، وأصبحت الخلافات منحصرة في 125 اسماً، وقد قامت إسرائيل بتقديم قائمة إلى "حماس" تشمل 70 أسيراً أعلنت استعدادها الإفراج عنهم.

·      لا شك في أن أحد أهم العوامل التي ساعدت في دفع المفاوضات قدماً، هو تغيير موقف رئيس جهاز الأمن العام [شاباك] يوفال ديسكين، الذي كان يعارض مطالب "حماس". وفي هذا الشأن لا بُد من تأكيد أن ادعاءات ديسكين، وفحواها أن "الإرهابيين" الفلسطينيين الذين سيُفرج عنهم سيعودون إلى نشاطهم، الأمر الذي سيؤدي إلى تصعيد الأوضاع الميدانية، هي ادعاءات لا أساس لها من الصحة، إذ إن الهدوء السائد الآن لا يعود إلى كون "الإرهابيين" في السجن، وإنما لأن لدى "حماس" مصلحة فيه.

·      أخيراً، وعلى الرغم من التعتيم غير المبرر، الذي تفرضه الرقابة العسكرية الإسرائيلية على "صفقـة شاليط"، فإن الجمهور الإسرائيلي العريض يعرف جيداً ما هو الثمن الذي ستدفعه إسرائيل في مقابل الإفراج عن الجندي الأسير. لكن يبقى السؤال: لماذا تتكلم إسرائيل، دائماً، على إصرارها على عدم الخضوع لـ"الإرهاب"، لكنها سرعان ما تخضع له دائماً؟