· إن محمود درويش هو شاعر كبير وذو طاقة شاعرية حقيقية أولاً وقبل كل شيء. وفي إمكان أي شخص حتى أنا الذي قرأت قصائده مترجمة لا بلغتها الأصلية، أن يخرج بانطباع عميق عن مخزون تصاويره الغنية، والحرية الشعرية التي سمح لنفسه بأن ينتهجها.
· لقد هاجر محمود درويش من إسرائيل بإرادته الحرة، وقد أسفت لذلك دائماً. وأذكر أن أول لقاء جمع بيننا، في ستينيات القرن الفائت، خلق لديّ انطباعاً عن قوة كلماته الثاقبة. وفيما بعد، شعرت بالخسارة عندما علمت أنه غادر إسرائيل ولن يعود إليها. لقد بدا لي، في ذلك الوقت، أنه شريك لائق، عنيد ونقدي، غير أنه لائق.
· سرعان ما تحول درويش إلى شاعر الفلسطينيين القومي، شاعر المهجر وشاعر اللجوء، ولذا فقد تنقّل من مكان إلى آخر، وأصبح علماً مشهوراً في مؤتمرات الشعر ومهرجاناته في أنحاء العالم كافة. على هذه الخلفية فإن قرار يوسي سريد، عندما كان وزيراً للتربية والتعليم، والذي قضى بشمل قصائده في مناهج التدريس الإسرائيلية، هو قرار صحيح ولائق، على الرغم من النقد الذي وُجّه إليه.
· لقد جذبتني شخصية درويش إلى درجة أنني وظفت ظلها في روايتي "العروس المحررة". وقبل عام ونصف عام، جاء زائراً إلى حيفا، فالتقيته وأهديته نسخة فرنسية من الرواية، وطلبت منه أن يقرأها كي يطلع على مبلغ المودة التي أكنّها له في خيالي. وراودني الأمل بأن يتم لقاء آخر بيننا في المستقبل، غير أن هذا الشاعر الذي كان خصماً وصديقاً لنا في الوقت نفسه، فارق الحياة.