هل ترك نتنياهو وديعة تتعلق بسقف تنازلاته لدى أوباما؟
المصدر
يديعوت أحرونوت

تعني بالعربية "آخر الأخبار"، تأسست سنة 1939، وتصدر باللغتين العبرية والإنكليزية، كما يمكن قراءتها على موقعها الإلكتروني "ynet". وهي تُعتبر الصحيفة الثانية الأكثر انتشاراً في إسرائيل. تنتهج الصحيفة خطاً سياسياً أقرب إلى الوسط الإسرائيلي، يصدر عن الصحيفة ملحق اقتصادي بعنوان "كلكاليست".

·      إن حملة التشكيك الكبيرة التي رافقت اللقاء الذي عقد هذا الأسبوع بين رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، ورئيس الولايات المتحدة باراك أوباما، لم تولد من فراغ. فقد بات معروفاً أن ثمة فجوة بين مقاربتيهما إزاء النزاع الإسرائيلي ـ الفلسطيني، كما أن هناك قدراً من التوتر الشخصي بينهما.

·      مع ذلك، فإن نتنياهو أكد لي، خلال زيارته لباريس، أن المحادثات مع أوباما كانت جيدة للغاية، كما أنه كرر على مسامعي أن وجهته هي نحو التوصل إلى اتفاق [مع الفلسطينيين]، لا إجراء مفاوضات تستمر إلى الأبد.

·      وعلى ما يبدو، فإن مهمة نتنياهو الأساسية في واشنطن تمثلت في محاولة إقناع أوباما بأنه يقصد فعلاً ما يقول، ومن ثم إقناعه بإيجاد آلية فعالة يمكنها إقناع [رئيس السلطة الفلسطينية] محمود عباس باستئناف المفاوضات.

·      إن الأمر المتعارف عليه هو أنه عندما تصل التطورات إلى مفترق سياسي من هذا القبيل، تبرز فكرة الوديعة، أي قيام رئيس الحكومة الإسرائيلية بإيداع سقف التنازلات التي يكون على استعداد لتقديمها لدى الإدارة الأميركية. وتتعهد هذه الإدارة، من جانبها، بأن تحتفظ بالوديعة سراً، مع قيامها بجولات مكوكية تهدف إلى دفع العملية السياسية قدماً، وهي على ثقة من أن هناك أساساً متيناً للتوصل إلى اتفاق.

·      ومن الأمثلة البارزة لفكرة الوديعة قيام [رئيس الحكومة الإسرائيلية الأسبق] يتسحاق رابين بتسليم [وزير الخارجية الأميركية الأسبق] وورن كريستوفر وديعة أبدى، بموجبها، استعداده للانسحاب من هضبة الجولان كلها في مقابل اتفاق سلام مع سورية. كما أن [رئيس الحكومة الأسبق] إيهود باراك أودع [الرئيس الأميركي الأسبق] بيل كلينتون، اقتراحه بشأن الاتفاق الدائم مع الفلسطينيين. أمّا [رئيس الحكومة السابق] إيهود أولمرت، فبلّغ [الرئيس الأميركي السابق] جورج بوش، خلال المحادثات المغلقة التي جرت بينهما، فحوى السقف الذي يمكنه التزامه في حال التوصل إلى اتفاق مع الفلسطينيين.

·      بناء على ذلك، فإن السؤال المطروح الآن هو: هل ترك نتنياهو لدى أوباما وديعة تتعلق بسقف تنازلاته؟ إن رئيس الحكومة والبيت الأبيض ينفيان حدوث أمر كهذا. ومع ذلك، فإنه من الصعب أن يكون نتنياهو حظي بثقة أوباما، من دون الدخول في التفصيلات الدقيقة.

·      تجدر الإشارة أيضاً إلى أن نتنياهو يلمّح، منذ أشهر عديدة، خلال أي لقاء يعقده مع وزير متردد من حزب العمل، وخلال أي محادثات مع ضيوف من أوروبا، إلى أنه عاقد العزم على اتخاذ قرارات سياسية تاريخية حاسمة. لكن يجب القول إن مثل هذه القرارات الحاسمة تستدعي إقامة ائتلاف حكومي آخر.

·      من ناحية أخرى، أكد نتنياهو لأوباما، خلال اللقاء، أن أي عنصر في أي اتفاق في المستقبل هو الأمن، وقد شكر الرئيسَ الأميركي على الدعم الذي تقدمه إدارته إلى إسرائيل، وعلى المناورات العسكرية المشتركة التي جرت مؤخراً، وعلى قرار تزويد إسرائيل ذخيرة عسكرية جديدة ومتطورة، وعلى وقوف الولايات المتحدة ضد تقرير "لجنة غولدستون". كما أوضح أن حكومته جمدت أعمال البناء في المستوطنات، غير أنني لست متأكداً من أن توضيح نتنياهو أدى إلى إرضاء أوباما، لأنه لو كان في الإمكان إنهاء اللقاء بين الاثنين بإعلان صارخ عن تجميد أعمال البناء في المستوطنات، لما كانت واشنطن استنكفت عن القيام بذلك.