قال رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو إن إسرائيل ستستمر في محاربة "الإرهاب"، وأكد أن أي أسير فلسطيني أطلق سراحه [في إطار صفقة تبادل الأسرى مع حركة "حماس"] يعود إلى ممارسة "الإرهاب" سيكون دمه مباحاً.
وأضاف نتنياهو الذي كان يتحدث أمس (الثلاثاء) أمام وسائل الإعلام الإسرائيلية والعالمية في قاعدة "تل نوف" [جنوب إسرائيل] التابعة لسلاح الجو الإسرائيلي في إثر انتهاء مراسم استقبال الجندي الإسرائيلي غلعاد شاليط [الذي كان أسيراً لدى "حماس"] وتسليمه إلى عائلته، أن دولة إسرائيل "تختلف عن أعدائها بأنها لا تحتفل بإطلاق سراح قتلة، ولا تحمل على الأكتاف أولئك الذين سبق أن أودوا بحياة الناس، وإنما على العكس تؤمن بقدسية الحياة، وتقدّس الحياة، لأن ذلك يعتبر تقليداً قديماً عريقاً لدى الشعب اليهودي."
وتابع: "قبل عامين ونصف العام تسلمت مرة أخرى منصب رئيس الحكومة، وكانت إحدى المهمات الرئيسية والمعقدة المدرجة في جدول أعمالي هي إعادة الجندي المخطوف غلعاد شاليط حياً يرزق إلى البلد. وقد تم الآن إنجاز هذه المهمة، وانطوى ذلك على اتخاذ قرار شديد الصعوبة، وكنت وضعتُ نصب عينيّ ضرورة استعادة من كانت دولة إسرائيل قد أرسلته إلى ميدان القتال، وسبق لي أن خرجت بصفة جندي وقائد مرات كثيرة بتكليف من الجيش للقيام بمهمات خطرة، وكنت أعلم دوماً أنه في حال سقوطي أو سقوط زملائي في الأسر فإن حكومة إسرائيل ستبذل كل ما في وسعها لإعادتنا إلى البلد، وهذا هو ما فعلته الآن بصفتي رئيساً لحكومة إسرائيل. وباعتباري زعيماً يوفد كل يوم عسكريين لحماية المدنيين الإسرائيليين أعتقد أن التكافل ليس مجرد شعار وإنما يشكل أحد أهم مداميك وجودنا هنا. كما أنني وضعتُ نصب عيني ضرورة أخرى وهي تقليص الخطر الذي قد يتعرض له المواطنون الإسرائيليون [بسبب شروط صفقة التبادل للإفراج عن شاليط] قدر الإمكان، وبالتالي فقد طرحت مطلبين أساسيين شرطاً لإنجاز صفقة التبادل: أولاً، إبقاء القتلة السفاحين الأبرز من قادة "حماس" قيد السجن؛ ثانياً، أن يتم إبعاد الأغلبية العظمى من السجناء الفلسطينيين الذين سيطلق سراحهم إلى الخارج أو إبقاؤهم خارج منطقة يهودا والسامرة [الضفة الغربية] لحرمانهم من إمكان تنفيذ اعتداءات على مواطنينا. لكن حركة حماس تشبثت فترة طويلة بمعارضتها لهذين المطلبين، إلى أن وردتنا قبل عدة أشهر إشارات واضحة بشأن استعدادها للتراجع عن هذه المعارضة. وفي إثر ذلك جرت طوال أيام وليالٍ مفاوضات صعبة في القاهرة بوساطة حكومية مصرية، وقد أصررنا على موقفنا، وعندما تمت تلبية جل مطالبنا اقتضت الحاجة مني أن اتخذ قراراً حاسماً."
وخاطب رئيس الحكومة العائلات الإسرائيلية التي لقي أفراد منها مصرعهم في عمليات "إرهابية" نفذها مسلحون فلسطينيون أطلق سراح بعضهم قائلاً: "إنني أعلم جيداً أنكم تشعرون بألم شديد يستحيل تحمله. ومن الصعوبة بمكان رؤية مشاهد الإفراج عن هؤلاء الأنذال اللئام الذين قتلوا أعزاءكم قبل انتهاء محكومياتهم. لكن ثبت لدي أن الصفقة التي تم التوصل إليها هي أفضل ما يمكن إنجازه في الأوضاع السياسية الراهنة، ولم يكن هناك ما يضمن استمرار تهيؤ الشروط التي جعلت تحقيق الصفقة ممكناً، الأمر الذي كان من شأنه أن يؤدي إلى اختفاء آثار غلعاد شاليط، علماً بأن هذا حدث للأسف في الماضي. وعندها فكرت في شاليط وفي فترة الأعوام الخمسة التي قضاها في غياهب السجن الانفرادي لحماس، ولم أشأ أن يكون مصيره مثل مصير رون أراد [ملاح الجو المفقود] الذي سقط في الأسر قبل 25 عاماً لكنه لم يعُد حتى الآن. كما أيقنتُ أنني أتحمل مسؤولية جسيمة، وكنت على وعي بمغزى هذا القرار كله."
وذكرت صحيفة "يديعوت أحرونوت" (19/10/2011) أن مقربين من رئيس الحكومة قالوا لها إنه منذ توقيع صفقة التبادل قبل نحو أسبوع مارست "حماس" ضغوطاً شديدة على إسرائيل كي تحصل على مزيد من الإنجازات، وخصوصاً إطلاق سراح أسرى آخرين والسماح لهم بالبقاء في الضفة الغربية، لكن نتنياهو رفض جميع هذه الضغوط وأصر على تنفيذ الصفقة كما هي.
وأضافت الصحيفة أن نتنياهو أكد في أحاديث مغلقة مع مقربين منه أنه يدرك تماماً أنه ستكون هناك محاولات كثيرة لأسر جنود إسرائيليين في المستقبل، لافتاً إلى أنه منذ وقوع شاليط في الأسر [في حزيران/ يونيو 2006] جرت 12 محاولة لأسر جنود إسرائيليين، لكنه في الوقت نفسه شدد على أن إسرائيل ستعرف كيف تقف بالمرصاد لهذه المحاولات.