· لا شك في أن إعلان [رئيس السلطة الفلسطينية] محمود عباس عدم ترشيح نفسه للانتخابات الرئاسية الفلسطينية المقبلة، يعكس شعوراً قوياً لدى الفلسطينيين فحواه أن إسرائيل غير معنية بالتوصل إلى حل سياسي للنزاع. وحتى لو كان إعلانه هذا مجرد مناورة، فإن مشاعر اليأس وفقدان الثقة لدى الفلسطينيين، بشكل عام، هي مشاعر حقيقية.
· إن السبب المباشر للأزمة الحالية كامن في الخلاف بشأن البناء في المستوطنات. ويبدو أن الفلسطينيين مقتنعون بأن المستوطنات هي وسيلة تتمسك إسرائيل بها للاستمرار في السيطرة على مناطق يهودا والسامرة [الضفة الغربية] إلى الأبد، وبأن هناك مؤامرة إسرائيلية تقضي بعرقلة الاتفاق على الحل الدائم إلى أن يزداد عدد المستوطنين ويصبح تقسيم البلد مستحيلاً.
· لقد سبق أن شهدت المحادثات الإسرائيلية ـ الفلسطينية كثيراً من حالات المد والجزر، وكذلك حالات الوصول إلى طريق مسدودة وفقدان الثقة، غير أن الأزمة الحالية هي مع سلطة فلسطينية تُعتبر الأفضل في مكافحة "الإرهاب". فالحكومة الفلسطينية، بقيادة عباس وسلام فياض، نجحت في فرض الهدوء والاستقرار الأمني، كما أنها نجحت في تحسين أوضاع الحكم والإدارة والاقتصاد ومستوى الحياة اليومية.
· ففي مطلع العقد الحالي، الذي شهد انفلات "الإرهاب" الفلسطيني، كان الشرط الإسرائيلي الأساسي للمفاوضات هو "وقف الإرهاب والعنف"، وقد وفرت الحكومة الفلسطينية الحالية "البضاعة" المطلوبة. ولذا، يتوجب على إسرائيل أن تبذل أقصى ما في وسعها من أجل استمرار وجودها. ولا يجوز أن ينشأ وضع لا تُطلق فيه النار، وفي الوقت نفسه لا توجد مفاوضات.
· إن الأخطر من ذلك هو أن يتغلغل في صفوف الفلسطينيين الاعتقاد أن جهود مكافحة "الإرهاب" لا تقدّم ولا تؤخر بالنسبة إلى إسرائيل، وأنه لن يحدث تقدم سياسي في الأحوال جميعاً، لأنه عندها سيسأل الفلسطينيون أنفسهم: ما الذي سنخسره إذا ما عدنا إلى تنفيذ عمليات تفجيرية؟