· إن الأهمية السياسية لعملية السيطرة الإسرائيلية على سفينة الأسلحة المهربة من إيران إلى حزب الله، الأسبوع الفائت، هي أهمية محدودة، إلا إذا عرفنا كيف نستغلها من أجل الحراك السياسي، لا من أجل الدعاية فقط، أي من أجل القيام بخطوات تخدم مصالحنا الاستراتيجية.
· ففي إبان حرب لبنان الثانية [صيف سنة 2006] سررنا كثيراً لأن دعايتنا التي شدّدت على أن حزب الله هو "معسكر الأشرار" في لبنان وبالتالي يمكن التعرض لعناصره، كانت دعاية مقبولة من العالم. ومع أن هذه المقاربة تعتبر مريحة دعائياً إلا أنها خطأ على الصعيد السياسي، لأن الواقع الحقيقي في لبنان ما انفك يؤكد أن هناك اتفاقاً غير مكتوب بين معسكر الأخيار ومعسكر الأشرار، يقضي بتقاسم الأدوار فيما بينهما.
· وبموجب هذا الاتفاق، فإن المعسكر الأول، بقيادة الحريري، يقوم بإظهار الوجه الحسن للبنان، ويحرص على تأكيد وجود مؤسسات ديمقراطية، ويطلب من الغرب مساعدات اقتصادية وعسكرية وسياسية، وكذلك كبح "العدوانية الإسرائيلية". بينما وظيفة المعسكر الثاني، بقيادة حزب الله، هي أن يكون القوة العسكرية الوحيدة والمهمة في الدولة.
· إن تقاسم الأدوار بين المعسكرين خطر للغاية، لأن إسرائيل أولاً وقبل أي شيء، لا يمكنها أن تنتصر على حزب الله. ولقد أصبح معروفاً أن الجيش الإسرائيلي لم ينتصر في إبان حرب لبنان الثانية، ولن ينتصر في الحرب المقبلة، حتى لو كانت حرباً محدودة ضد هذا الحزب الذي تعاظمت قوته العسكرية كثيراً.
· إن الطريق لمنع الحرب المقبلة أو للانتصار فيها على وجه السرعة، في حال اندلاعها، كامنة في خوضها ضد لبنان كله. ولذا، فإن طريق منعها هي في أن يدرك الجميع، منذ الآن، ما هي نتائجها المتوقعة.
· بناء على ذلك، فإن الغاية الرئيسية للسياسة الإسرائيلية يجب أن تكون إفهام الغرب أن المسؤولية عن استعمال القوة ضد إسرائيل ستقع على عاتق لبنان كله. أما فيما يتعلق بسفينة الأسلحة المهربة، فإن الأسئلة التي يجب طرحها هي: لماذا لا يهتم لبنان، باعتباره دولة ذات سيادة وعضواً محترماً في المؤسسات الدولية كلها، بعمليات تهريب الأسلحة إلى أراضيه؟ ولماذا يقوم لبنان بخرق قرارات مجلس الأمن الدولي، مفضلاً أن يبقى "دولة فاشلة"؟ ولماذا يتصدى العالم لظاهرة تهريب الأسلحة عندما تحدث في العراق أو أفغانستان ويسلِّم بها عندما يدور الحديث على لبنان؟