معارضة إجراء تحقيق بشأن الحرب في غزة يعني أن هناك ما يجب التستر عليه
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

·      إن الحكومة الإسرائيلية ومؤيديها كلهم يبدون منهمكين، في إثر تقرير "لجنة غولدستون"، وأكثر من أي شيء آخر، في موضوع تقليل الأضرار التي لحقت بصورة إسرائيل في العالم، وكيفية التصدي لحملة الانتقادات الدولية.

·      أمّا السؤال المتعلق بما حدث في غزة فعلاً، فسرعان ما يتم اتهام الذي يطرحه بأنه مصاب بمرض اللاسامية. لكن بمرور الوقت، فإن الجانب القانوني للتقرير سيُنحى جانبًا، وسيبقى الجانب الأخلاقي محفورًا في الوعي العام، هنا وفي العالم أجمع.

·       الجميع يدرك أيضًا أن معارضة الجيش الإسرائيلي إجراء تحقيقات بشأن التهم الموجهة إليه، يقف وراءها سبب واحد فقط، هو أن هناك ما يجب التستر عليه. ومع ذلك لا يجوز لنا أن نصدق الجيش أكثر من أي هيئة عامة أخرى.

·      من ناحية ثانية، فإن الجيش قام بتنفيذ الأوامر التي صدرت إليه من جانب الثالوث المؤلف من رئيس الحكومة ووزير الدفاع ورئيس هيئة الأركان العامة، وقد كانت أوامر واضحة للغاية، مثل الشمس في وضح النهار، تم فيها تكليف الجيش القيام بالمهمة من دون أي خسائر، ومن خلال كسر معنويات السكان [الفلسطينيين] ومعاقبتهم وردعهم عن القيام بأي استفزاز في المستقبل.

·      وبناء على ذلك، فإن العملية العسكرية الإسرائيلية في غزة ["الرصاص المسبوك"] كانت عبارة عن عملية ترهيب وعقاب مخططة على نحو جيد، وهذا هو السبب الذي يجعل [وزير الدفاع] إيهود باراك و[رئيس هيئة الأركان العامة] غابي أشكنازي يرفضان إجراء تحقيق مع الجيش.

·      إن من المنطقي أن نفترض أن القائد العسكري الميداني سيجيب عن أي سؤال يُوجّه إليه [في حال إجراء التحقيق] بالقول إن التنفيذ كان وفقًا للأوامر التي أُقرّت مسبقًا من جانب جميع الجهات المسؤولة. ويدخل في عداد هذه الجهات أيضًا كل من النيابة العسكرية العامة ووزارة العدل الإسرائيلية.

·      في واقع الأمر، فإن المسؤولية الأخلاقية والسياسية الأكبر عما حدث في غزة تقع على عاتق المؤسسة السياسية المدنية وقيادة الجيش. وما يجب الحؤول دونه الآن هو أن يتم تحميل القادة العسكريين الميدانيين هذه المسؤولية، من دون أن يعني ذلك إعفاء الذين قاموا بارتكاب أعمال جنائية.

·      أمّا على المستوى الأخلاقي، فإن تقرير "لجنة غولدستون" لم يدشّن مرحلة مؤلمة أخرى في تأكل صدقية إسرائيل فحسب، بل أيضًا مرحلة مؤلمة أخرى من الاستخفاف الذي ننظر به إلى الخسائر الفلسطينية الجسيمة. لذا، لا عجب إذا ما بدأ حتى أصدقاء إسرائيل في العالم في التقلص أكثر فأكثر. إن هؤلاء، في معظمهم، لا يفهمون كيف يسكت ضمير "الدولة الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط" عن السيطرة على شعب في ظل أوضاع احتلال وحصار قاسية، وفي الوقت ذاته تعرض هذه الدولة نفسها على أنها ضحية مسكينة لعداء الأغيار [غوييم].       

 

المزيد ضمن العدد 806