هل ستضر الخطوات الفلسطينية في اتجاه الأمم المتحدة بالمساعدة الأميركية إلى السلطة الفلسطينية؟
المصدر
معهد دراسات الأمن القومي

معهد أبحاث إسرائيلي تابع لجامعة تل أبيب. متخصص في الشؤون الاستراتيجية، والنزاع الإسرائيلي -الفلسطيني، والصراعات في منطقة الشرق الأوسط، وكذلك لديه فرع خاص يهتم بالحرب السيبرانية. تأسس كردة فعل على حرب تشرين الأول/أكتوبر 1973، بقرار من جامعة تل أبيب؛  وبمرور الأعوام، تحول إلى مركز أبحاث مستقل استقطب مجموعة كبيرة من الباحثين من كبار المسؤولين الأمنيين، ومن الذين تولوا مناصب عالية في الدولة الإسرائيلية، بالإضافة إلى مجموعة من الأكاديميين الإسرائيليين، وهو ما جعله يتبوأ مكانة مرموقة بين المؤسسات البحثية. يُصدر المعهد عدداً من المنشورات، أهمها "مباط عال" و"عدكان استراتيجي"، بالإضافة إلى الكتب والندوات المتخصصة التي تُنشر باللغتين العبرية والإنكليزية.

– مباط عال
المؤلف

 

  • في 7 تموز/يوليو 2011 وافق مجلس النواب الأميركي على قرار يحذر فيه السلطة الفلسطينية من أن سياستها تضر بعلاقاتها مع الولايات المتحدة، وتعرض للخطر استمرار حصولها على المساعدة المالية التي تقدمها إليها الولايات المتحدة الأميركية. ويتطرق القرار إلى توجهين بارزين للسلطة الفلسطينية، هما: أولاً، معارضتها المفاوضات المباشرة مع إسرائيل من دون شروط مسبقة، والمساعي الأحادية التي تقوم بها للحصول على اعتراف بالدولة الفلسطينية في إطار الأمم المتحدة؛ ثانياً، تقربها من "حماس" قبل أن تغير هذه الأخيرة مواقفها من مسألة الصراع الإسرائيلي – الفلسطيني، وقبل أن توافق على شروط اللجنة الرباعية الدولية. وقد وافق على هذا القرار 406 نواب تابعين إلى الحزبين الكبيرين، وامتنع 13 نائباً من التصويت، وعارضه ستة نواب فقط.
  • ويشير قرار مجلس النواب إلى التزام الولايات المتحدة منذ سنة 2002 بحل الدولتين لشعبين، وإلى إيمانها بأن التسوية لا يمكن أن تتحقق إلا بواسطة المفاوضات المباشرة بين الطرفين، وقبول كل طرف بحق الطرف الآخر في الوجود. وجاء في القرار أن هذا المبدأ وافق عليه الطرف الفلسطيني، من هنا فإن محاولة الالتفاف على إطار المفاوضات المباشرة مع إسرائيل، وإعلان دولة فلسطينية من جانب واحد، يتعارضان مع اتفاقات أوسلو ومع خريطة الطريق التي تطالب بمفاوضات مباشرة، وبضرورة قيام الطرفين بحل المشكلات بينهما.
  • كذلك أشار قرار مجلس النواب المذكور أعلاه إلى عدم تضمن اتفاق حكومة الوحدة بين "فتح" و"حماس" الموقع في 4 أيار/مايو 2011 مطالبة "حماس" بالقبول بشروط الرباعية الدولية، ويذكّر بأن "حماس" هي المسؤولة عن مقتل 500 شخص بريء، بينهم 24 مواطناً أميركياً، وأن الولايات المتحدة تعتبر "حماس" تنظيماً إرهابياً، فضلاً عن أن هذه الحركة تحتفظ بغلعاد شاليط منذ 25 حزيران/يونيو 2006 بصورة تتناقض مع القانون الدولي، وتواصل رفضها التسوية السلمية مع إسرائيل. وشدد القرار على أن القانون الأميركي يمنع  تقديم المساعدة إلى السلطة الفلسطينية التي تتعاون مع "حماس".
  • حصلت السلطة الفلسطينية منذ قيامها في أواسط التسعينيات على مساعدة أميركية تقدر بنحو 4 مليار دولار، وبذلك تكون في طليعة الدول التي تحصل على المساعدات الأميركية مقارنة بعدد سكانها. وسعت الإدارات الأميركية المتعاقبة من خلال هذه المساعدات لتحقيق مصالح الولايات المتحدة في المنطقة، وفي طليعتها منع العمليات الإرهابية ضد إسرائيل التي يمكن أن تقوم بها "حماس" وتنظيمات إسلامية متطرفة، وإيجاد إطار للاستقرار والازدهار في الضفة الغربية يشجع الفلسطينيين كلهم، سواء كانوا يعيشون في الضفة أو في قطاع غزة، على التمسك بفكرة العيش بسلام، وتحضير السلطة للحكم الذاتي.
  • على الصعيد الرسمي، لا يشكل قرار مجلس النواب أهمية خاصة بالنسبة إلى إسرائيل، إلاّ إنه حدد بصورة واضحة هامش المناورة لدى الرئيس أوباما في علاقته مع السلطة الفلسطينية، وذلك في ظل شبكة التوازنات والكوابح القائمة في الإدارة الأميركية.
  • ويتضح عملياً أن قرار مجلس النواب لم يردع السلطة الفلسطينية، ولا رئيسها، عن التقدم بصورة رسمية بطلب الاعترف بالدولة الفلسطينية ضمن حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية. كذلك تجاهلت السلطة مطالب الإدارة الأميركية وتهديدات مجلس النواب، على الرغم من معرفتها جيداً أهمية المساعدة الأميركية المقدمة إليها.
  • إن سلوك السلطة الفلسطينية ورئيسها يدل على ثقة كبيرة بالنفس في مواجهة الإدارة الأميركية. ومن المؤكد أن رئيس السلطة الفلسطينية يعتقد أن الإدارة الأميركية لن تتجرأ على وقف المساعدة للسلطة لمعرفتها بأن مثل هذه الخطوة ستؤدي إلى انهيار هذه السلطة، الأمر الذي سيعرض مصالح الولايات المتحدة وإسرائيل، في آن معاً، للخطر.