شهد اجتماع الحكومة الإسرائيلية الذي عقد أمس (الأحد)، والذي أُقرّ فيه التوصيات التي تضمنها تقرير "لجنة تراختنبرغ" [التي ضمت فريقاً من الخبراء المهنيين برئاسة البروفسور مانويل تراختنبرغ من أجل إعداد خطة لتغيير السياسة الاقتصادية - الاجتماعية للحكومة]، مواجهة حادة بين وزير الدفاع إيهود باراك، ورئيس هيئة الأركان العامة اللواء بني غانتس، من جهة، وبين رئيس الحكومة نتنياهو، ووزير المالية يوفال شتاينيتس، من جهة أخرى، وذلك بسبب إحدى التوصيات التي تنص على وجوب تقليص الميزانية الأمنية الإسرائيلية بـ 4,5 مليار شيكل في غضون العامين المقبلين.
ودعا باراك رئيس هيئة الأركان العامة إلى الاشتراك في اجتماع الحكومة هذا والتحذير من مغبة تقليص الميزانية الأمنية.
وقال غانتس مخاطباً الوزراء: "لا أحد يعرف ما الذي يمكن أن يحدث غداً في المنطقة، وفي الوقت نفسه فإن الجيش الإسرائيلي مطالب بأن يكون مستعداً لأسوأ السيناريوهات وأكثرها صعوبة، وبالتالي لا يمكنه أن يقلص مصروفاته في أي مجال من مجالات عمله"، وتساءل: هل يمكن مثلاً تقليص الميزانية المخصصة لمنظومة "القبة الحديدية" [المضادة للصواريخ قصيرة المدى]؟.
وأعاد وزير الدفاع إلى الأذهان أن النتائج الكئيبة لحرب يوم الغفران [حرب تشرين الأول/ أكتوبر 1973]، وحرب لبنان الثانية [صيف 2006]، كانت مرتبطة على نحو وثيق للغاية بتقليص الميزانية الأمنية قبل اندلاعهما.
واتهم وزير المالية قادة المؤسسة الأمنية بمحاولة ترهيب الحكومة، فيما أشار وزراء آخرون إلى أن زيادة الميزانية الأمنية خلال الأعوام القليلة الفائتة هي التي تسببت باندلاع حملة الاحتجاج الاجتماعية والمطلبية.
وقال رئيس الحكومة لدى إجماله وقائع الاجتماع أنه يتحمل المسؤولية العليا عن حماية أمن السكان في إسرائيل، وإن المبالغ التي سيتم تقليصها من الميزانية الأمنية ستخصص لتمويل حاجات اجتماعية حقيقية.
وأصدرت وزارة الدفاع الإسرائيلية في إثر إقرار الحكومة توصيات تقرير "لجنة تراختنبرغ" بياناً أكدت فيه أن قرار تقليص الميزانية الأمنية يعتبر قراراً غير مسؤول، مشددة على أن هذا التقليص سينعكس سلباً على جهوزية الجيش الإسرائيلي للحروب المقبلة، فضلاً عن أنه على المدى البعيد يلحق ضرراً فادحاً بتفوّق إسرائيل العسكري النوعي.
وكانت الحكومة الإسرائيلية أقرت في اجتماعها أمس (الأحد) توصيات تقرير "لجنة تراختنبرغ" بأغلبية 21 وزيراً، ومعارضة 8 وزراء هم وزراء حزب شاس الأربعة، والوزيران إيهود باراك ومتان فلنائي من حزب "عتسماؤوت" [استقلال]، والوزيران سيلفان شالوم ويوسي بيلد من حزب الليكود.
ونجح نتنياهو في تعبئة أغلبية مؤيدة لهذه التوصيات بعد أن تعهد لرئيس حزب "إسرائيل بيتنا" أفيغدور ليبرمان بتلبية مزيد من مطالب حزبه، وفي مقدمها منح امتيازات كبيرة للجنود المسرحين.
واحتج قادة الاتحاد القطري للطلبة الجامعيين في إسرائيل على إقرار التوصيات، مؤكدين أنهم سيصعدون حملة الاحتجاج الاجتماعية والمطلبية قريباً.
وقال رئيس الاتحاد إيتسيك شمولي إن توصيات التقرير لن توفر حلولاً للمشكلات الاجتماعية التي انطلقت هذه الحملة للاحتجاج عليها.
وذكرت صحيفة "معاريف" (10/10/2011) أن اتحاد نقابات العمال [الهستدروت] سيعقد غداً (الثلاثاء) اجتماعاً لهيئته العامة، ومن المتوقع أن يعلن فيه نزاع عمل قطرياً للمطالبة بوضع حد لمشكلة الشركات الخاصة التي تشغل عمالاً بشروط مزرية، وذلك تمهيداً لإعلان إضراب عام في إسرائيل احتجاجاً على تفاقم المشكلات الاجتماعية.
ونقلت الصحيفة عن مصدر رفيع المستوى في الهستدروت قوله إن الهدف من الإضراب العام في حال إعلانه هو تغيير السياسة الاقتصادية - الاجتماعية للحكومة رأساً على عقب، مشدداً على أن التوصيات التي تضمنها تقرير "لجنة تراختنبرغ" تضفي مشروعية على السياسة الاقتصادية - الاجتماعية للحكومة الحالية.