من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".
· ينهمك رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، صباح مساء، في تجهيز إسرائيل للمواجهة المصيرية مع إيران، غير أن المشكلة يمكن أن تنفجر في مكان آخر، ذلك بأن الأوضاع في المناطق [المحتلة] تزداد سخونة، فالفلسطينيون يقومون بتصعيد أعمالهم الاحتجاجية ضد المستوطنات وجدار الفصل، كما أن المستوطنين اليهود يشمون رائحة ضعف لدى نتنياهو، ويحاولون تقويض سلطة الدولة [في المناطق المحتلة].
· وقد شهدنا، مؤخراً، حادثتين تجسدان خطر هذا الانفجار: الأولى، "تظاهرة الألف شخص" في بلعين باشتراك رئيس الوزراء الفلسطيني، سلام فياض، والتي قام المتظاهرون خلالها بتفكيك مقطع من الجدار؛ الثانية، حادثة تسلل عشرات الناشطين اليمينيين اليهود إلى أريحا، والتي انتهت بإعلانهم أنهم "عازمون على العودة إلى أريحا ونابلس".
· إن ما يتبين الآن هو أن فياض، الذي كان شخصاً محبوباً لدى المؤسسة الإسرائيلية، أصبح بمثابة الخصم الأكثر إشكالية لنتنياهو، نظراً إلى تحوله بالتدريج من موظف تكنوقراطي إلى قائد سياسي يقف على رأس "انتفاضة بيضاء". وفي الوقت نفسه، فإن حكومته تبنت، أول من أمس، خطة عمل لـ "مقاومة غير عنيفة" ضد المستوطنات والجدار.
· لا شك في أن انتفاضة فياض مختلفة عن الانتفاضتين الفلسطينيتين السابقتين، إذ إن هدفها سياسي واضح، وهو إعلان إقامة دولة فلسطينية في حدود 1967، في صيف العام المقبل. وقد دعا وزيرا خارجية فرنسا وإسبانيا، في مقال مشترك نُشر يوم أمس في صحيفة "لوموند" الفرنسية، إلى الإسراع في إقامة دولة فلسطينية، وإلى الاعتراف بها في تشرين الأول/ أكتوبر 2011، بالتزامن مع ذكرى مرور عقدين على عقد مؤتمر مدريد للسلام [في سنة 1991].
· إن الصورة المرتسمة لحملة الاحتجاج الفلسطينية على المستوطنات والجدار، في وسائل الإعلام العالمية، هي صورة جيدة، وتضع إسرائيل أمام معضلة كبرى. في الوقت نفسه، فإن وضع نتنياهو لدى المستوطنين يزداد سوءاً، ولا سيما مع اقتراب موعد انتهاء القرار الحكومي الإسرائيلي القاضي بتجميد الاستيطان في الضفة الغربية، في أيلول/ سبتمبر المقبل. ومن المتوقع عندها أن يقف رئيس الحكومة أمام خيارين: إما استئناف البناء في المستوطنات بوتيرة سريعة، الأمر الذي ربما يؤدي إلى حدوث شرخ كبير بينه وبين الرئيس الأميركي باراك أوباما، وإمّا الاستمرار في تجميد البناء، وهذا سيؤدي إلى اندلاع انتفاضة لدى المستوطنين المتطرفين.
· بناء على ذلك كله، فإن ما يتعين قوله هو أنه في حال عدم إقدام نتنياهو على طرح مبادرة سياسية شجاعة تجعله يسيطر على جدول الأعمال العام، فإنه سيواجه انتفاضة من طرف سلام فياض، وأخرى من طرف المستوطنين اليهود.