إسرائيل لا تملك أي وسائل ضغط على لبنان
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف

·       يمكن القول إن ذكرى مرور خمسة أعوام على عملية اغتيال رئيس الحكومة اللبنانية الأسبق رفيق الحريري، تتزامن مع قيام لبنان بإكمال دائرة عودته إلى أحضان سورية. وقد قام رئيس الحكومة اللبنانية الحالية، سعد الحريري، نجل ضحية عملية الاغتيال، بزيارة لسورية، وعانق خلالها الرئيس السوري بشار الأسد، كما أن السياسة اللبنانية مستمرة في الخضوع لإملاءات سورية وإيران.

·       إن الحديث لا يدور على تحليل نظري بشأن ما يحدث في دولة نائية، ذلك بأن الحدود الجنوبية للبنان هي الخطر الأكثر ثباتاً وجدية على إسرائيل، وبأن السعي إلى السلام مع سورية بات محركه الرئيسي هو الأمل بأن تحيّد سورية هذا الخطر اللبناني. وبكلمات أخرى، فإننا أصبحنا بحاجة إلى سورية الآن كي تخفف خطر الصواريخ التي في حيازة حزب الله.

·       إن الفرضية الإسرائيلية التي كانت تقول إنه سيكون في لبنان دائماً قيادة تتطلع إلى الارتماء في أحضان إسرائيل، شبيهة بالفرضية الإسرائيلية القائلة إنه سيكون هناك دائمًا قيادة فلسطينية تضطر إلى توقيع اتفاق مع إسرائيل. لكن ما يحدث، في واقع الأمر، هو أن لبنان ـ هذه الدولة الصغيرة التي تفتقر إلى أي أهمية استراتيجية ـ يقلب ظهر المجن لإسرائيل، مثلما قرر [رئيس السلطة الفلسطينية] محمود عباس، ذات يوم، أنه ضاق ذرعاً بالتوسل إلى إسرائيل، وأنه إذا كانت هذه معنية بالسلام معه فلتقم بالبحث عنـه.

·       إن موقف لبنان يعكس، على نحو جيد، المكانة الجديدة لإسرائيل في المنطقة، إذ إنها لم تعد تملك أي وسائل ضغط يمكن بواسطتها إجبار بيروت على توقيع اتفاق سلام معها. وحتى لو بقيت في يد إسرائيل أراض لبنانية [محتلة]، فإنها لم تعد تشكل وسيلة ضغط، وإنما أصبحت، في أقصى حدّ، ذريعة لاستمرار تسلح حزب الله، أو لمهاجمة أهداف في داخل إسرائيل.

 

·       من ناحية أخرى، فإن المعادلة التي تُعرض على إسرائيل، في الوقت الحالي، سواء من طرف حزب الله في لبنان أو من طرف "حماس" في غزة، هي معادلة الأرض في مقابل اللاحرب، لا في مقابل السلام أو الاعتراف. وهذه هي المعادلة نفسها، التي يعرضها الرئيس السوري أيضاً، كما ورد في سياق المقابلة التي أدلى بها مؤخراً إلى صحيفة "نيويوركر" الأميركية. فقد أوضح الأسد أن هناك فارقاً كبيراً بين اتفاق السلام وبين السلام نفسه، وأنه على استعداد للتوصل إلى اتفاق سلام [مع إسرائيل] في مقابل الانسحاب من الجولان، أي التوصل إلى اتفاق ينص على عدم شنّ حروب وإلغاء التهديد العسكري، أمّا السلام والتطبيع والعلاقات الحميمة فإنها مسألة أخرى، علماً بأنه أكد في بداية طريقه أن وجهته هي تطبيع العلاقات.