إسرائيل عمياء إزاء ازدياد أهمية سورية في الشرق الأوسط
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف

·       لا شك في أن مشكلة إسرائيل مع سورية ليست كامنة في تصريحات وزير الخارجية الإسرائيلية، أفيغدور ليبرمان، وإنما في الادعاء الكاذب أن "إسرائيل معنية بالسلام"، ذلك بأنها غير معنية فعلاً بالتوصل إلى سلام مع سورية، ولا حتى بثمن الانسحاب من الجولان.

·       إن الفرضية التي تعمل إسرائيل بموجبها، هي أنه ليس هناك حاجة ملحة إلى إجراء مفاوضات مع سورية، لأنها لا تشكل تهديداً عسكرياً لها، ولأن مكانتها في المنطقة لا تتيح لها إمكان تجنيد دول عربية أخرى من أجل شن حرب شاملة.

·       ولا بُد من القول إن سورية نفسها "ساهمت" في تعزيز هذه الفرضية الإسرائيلية، كونها تحافظ، منذ عشرات الأعوام، على الهدوء في منطقة الحدود. وعلى ما يبدو، فإنه لا توجد طريقة لإقناع الجمهور الإسرائيلي العريض، الذي أصبح لا يفهم إلا لغة صواريخ الكاتيوشا والقسّام، بأن سورية تشكل خطراً عليه، فضلاً عن أن المفاوضات معها لا تنطوي على أي إغراءات اقتصادية تكون بمثابة "ثمرات السلام"، مقارنة بالإغراءات الاقتصادية الموجودة، مثلاً، في السعودية والإمارات العربية المتحدة.

·       ومع ذلك، فإن سورية تملك رصيداً آخر لا تعترف إسرائيل به، وفحواه أن السلام معها ينطوي على إمكان تغيير مكانة إسرائيل في المنطقة والعالم بصورة استراتيجية، ذلك بأنها أصبحت دولة مهمة للغاية في محور جديد آخذ في التشكل في الشرق الأوسط، ويضم، بالإضافة إليها، كلاً من تركيا وإيران والسعودية والعراق. وسيكون التعاون الاقتصادي والأمني والسياسي هو العمود الفقري لهذا المحور الذي يتطلع إلى الحلول محل المحور القديم المؤلف من مصر والسعودية والأردن.

 

·       وفي واقع الأمر، فإن الولايات المتحدة، بقيادة باراك أوباما، أدركت أن سورية هي دولة مهمة جداً في معادلة الحفاظ على مكانة واشنطن في المنطقة وخارجها، سواء عقدت سلاماً مع إسرائيل أم لم تعقد سلاماً معها، ولذا، فمن المتوقع أن يعود السفير الأميركي إلى سورية قريباً. كما أن أوروبا تجري مفاوضات متقدمة مع سورية باعتبارها بوابة الشرق الأوسط كله. ومع ذلك، فإن إسرائيل تبدو عمياء إزاء الخطوات الاستراتيجية كلها، التي تحدث في المنطقة، في الآونة الأخيرة.