فظائع الجيش الإسرائيلي في غزة كانت نتاج قرار رسمي مسبق
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

·      إن حملة الانتقاد الإسرائيلية لتقرير "لجنة غولدستون" [لجنة الأمم المتحدة التي تقصّت وقائع عملية "الرصاص المسبوك" العسكرية الإسرائيلية في غزة في أواخر سنة 2008] تتجاهل حقيقة أساسية للغاية، فحواها أن نمط الممارسات العسكرية الإسرائيلية في غزة سبق أن تقرر غداة حرب لبنان الثانية، في صيف سنة 2006، وذلك حين تبيّن، بصورة قاطعة، أن المجتمع الإسرائيلي لن يكون مستعداً للصمود في حرب اختيارية أخرى تتطلب سقوط ضحايا منه. وعلى ما يبدو، فإن إسرائيل ترغب في تحقيق انتصارات عسكرية، من دون أن تدفع الثمن البشري المرهون بذلك.

·      وبناء على ذلك، فقد تمّ اتخاذ قرار واع نتج من حسابات سياسية باردة، فحواه شنّ حملة عسكرية لمعاقبة غزة، مع حرص شديد على تفادي سقوط ضحايا إسرائيلية. ويعني هذا القرار، عملياً، أن يدفع سكان غزة الفلسطينيون كافة، ومن دون تمييز، الثمن الباهظ للعملية العسكرية الإسرائيلية.

·      في ضوء ذلك لا حاجة حتى إلى إقامة لجنة تحقيق إسرائيلية، فالمسألة واضحة مثل الشمس. وقد كان أصحاب القرار في إسرائيل كلهم يعرفون مسبقاً أن كارثة فظيعة ستقع في غزة.

·      إن المسؤولية الكاملة عن هذه الكارثة تقع على عاتق الذين صاغوا أنماط الحرب الجديدة ومن ثمّ أقروها، لا على عاتق القادة العسكريين الميدانيين من ذوي الرتب الدنيا أو الوسطى. إن المشكلة هي أخلاقية أولاً وقبل أي شيء، ولن يكون في إمكان النخبة السياسية الإسرائيلية أن تتهرب منها.

·      لقد كان تقرير "لجنة غولدستون"، والحال هذه، حتميـاً. فهو حتى لو لم يتّسم بالتوازن، وتجنَّب محاسبة "حماس"، إلا إنه يُعتبر بمثابة إنذار خطر، لأنه يعكس وجهة نظر الرأي العام العالمي إزاء إسرائيل عقب حرب غزة.

·      إن الحصيلة النهائية لذلك كله هي أن عملية "الرصاص المسبوك" كانت لبنة أخرى في سور إسقاط الشرعية، الذي أخذ يحاصر شيئاً فشيئاً دولة اليهود. وستبقى هناك وصمة عار أخلاقية على جبين إسرائيل، حتى لو لم يُقدَّم أي مسؤول فيها إلى محكمة العدل الدولية في لاهـاي.