رفضُ الفلسطينيين الاعتراف بإسرائيل دولة للشعب اليهودي رفضٌ للسلام
تاريخ المقال
المصدر
- كلما اقترب كانون الثاني/يناير الموعد الذي ينوي فيه الأميركيون تقديم "اتفاق إطار"، ارتفعت درجة محاولات التخريب والتأجيل الفلسطينية. فقد أرسل أبو مازن وثيقة سياسية لأوباما تضمنت المواقف الفلسطينية المتشددة، محاولاً التمسك بالتفاهمات الأمنية التي جرى التوصل إليها أيام رئيس الحكومة السابق إيهود أولمرت (وهي تفاهمات عفا عليها الزمن ولم تعد ذات أهمية ورُفضت هي أيضاً).
- في هذا السياق يلفت الانتباه ما قاله د. محمد شتيه العضو السابق في طاقم المفاوضات الفلسطيني [قدم استقالته في 5/11/2013] وهو يعتبر من المقربين من أبو مازن. ففي المؤتمر الصحافي الذي عقده الأسبوع الماضي [في بيت لحم]، تحدث شتيه عن موضوع يفضل رئيس طاقم المفاوضات الفلسطينية صائب عريقات، عدم التحدث عنه علناً في هذه المرحلة، وهو متعلق بالاعتراف بإسرائيل "دولة للشعب اليهودي" أو "دولة يهودية". وحتى بالنسبة للمواقف الفلسطينية من القضايا الأخرى (اللاجئون، القدس، والأمن)، من الصعب رؤية مؤشرات تدل على مرونة ما. لكن يبدو أن موضوع الاعتراف أو بالأحرى عدم الاعتراف، يشغل أكثر فأكثر المكانة المركزية في مواقف الفلسطينيين.
- إن الذين يتساءلون عن سبب إصرار نتنياهو على الحصول على اعتراف من الفلسطينيين، يتجاهلون الأمر الأساسي أو لا يفهمون الأسباب الحقيقية وراء الحرب الشرسة التي يخوضها الفلسطينيون على هذا الصعيد. فهم حيال العالم الخارجي يدافعون عن موقفهم هذا بذرائع من نوع أن تعريف إسرائيل دولة يهودية من شأنه أن يلحق الضرر بمكانة ووجود غير اليهود الذين يعيشون في هذه الدولة. وهذه حجة ديماغوجية هدفها الأساسي تشويه صورة إسرائيل. في حين أن السبب الحقيقي لرفضهم يعود إلى أن أغلبية العالم الإسلامي، وتحديداً الفلسطينيين، يرفضون كون اليهود شعباً أو أمة، ويعتبرونهم مجرد ديانة لا علاقة لها بالدولة. ولهذا السبب كرر شتيه في المؤتمر الصحافي المذكور أعلاه قوله "دولة من أجل اليهود وليس دولة اليهود".
- وعلى الرغم من الموقف الفلسطيني المؤيد لقيام دولة فلسطينية، فإن عدداً كبيراً من الفلسطينيين يأملون في نهاية الأمر في نشوء دولة واحدة لشعبين (يتحول فيها اليهود إلى أقلية يُسمح لها في أحسن الظروف، بالعيش مواطنين من الدرجة الثانية كما عاشوا طوال مئات الأعوام في الدول العربية). يقول الفلسطينيون "هناك بالطبع دولة اسمها إسرائيل اضطررنا إلى الاعتراف بها لأنها أقوى منا عسكرياً ولديها حليف مثل أميركا، لكن عندما يحين الوقت وتتغير هذه المعطيات سوف نعرف كيف نتعامل مع هذه الدولة غير الشرعية التي استوطنت أرضنا واعترفت بها دول العالم على حسابنا كي تعوض على اليهود ما فعلت بهم في المحرقة النازية".
- كتب البروفيسور يحزقئيل درور في الماضي أنه حتى لو توصلنا إلى اتفاق مع الفلسطينيين (هو من مؤيديه)، فإن هذا لا يضمن نهاية للنزاع. وكلام د. شتيه يؤكد ذلك. إن الاعتراف بإسرائيل دولة للشعب اليهودي هو بمثابة اختبار حقيقي للنيات الحقيقية للفلسطينيين حيال للسلام. والمعادلة بسيطة: عدم الاعتراف بإسرائيل دولة للشعب اليهودي معناه عدم الاعتراف بحق الشعب اليهودي بدولته، أي عدم الاعتراف بحق إسرائيل في الوجود.