من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".
· من أهم دروس التاريخ أن العجز عن التجدد في وسط بيئة متغيرة يمكن أن يؤدي الى الانهيار. في بعض الأحيان قد يكون التغيير في مصلحة الطرف المحافظ، فلا يؤثر في مصيره بسبب انغلاق هذا الطرف على نفسه وصلابته. إلاّ إن هذا لا ينطبق على وضع إسرائيل، إذ ثمة خوف من أن يؤدي الجمود السياسي الراهن إلى التدهور والانهيار.
· ويجب أن نضيف إلى ما سبق درساً آخر في التاريخ، وهو أن الدول التي تمر بمرحلة ثورية تنتج مستويات مرتفعة من الطاقة. من هنا يجب عدم الافتراض أن الدول العربية التي تمر اليوم بمرحلة انتقالية قد دخلت بالضرورة في مرحلة من الضعف. فلا يمكننا التنبؤ بما ستكون عليه الأنظمة في الدول العربية، لكن يبدو واضحاً، منذ الآن، ازدياد الدور الذي يقوم به "الشارع" العربي، وتصاعد العداء لإسرائيل. وتجدر الإشارة إلى أن الارتفاع الكبير في الطاقة القومية وتزايد الصعوبات الداخلية سيدفعان بالناس إلى البحث عن عدو خارجي، وسيكون لذلك انعكاسات مهمة على إسرائيل، مثل تآكل قدرتها على الردع، والتخوف من مبادرات "غير عقلانية" للهجوم عليها. كذلك، ينبغي أن نأخذ بعين الاعتبار الانخفاض المستمر في نفوذ الغرب الذي يواجه أزمة اقتصادية عميقة وطويلة.
· تؤدي هذه التقديرات إلى خلاصتين أساسيتين ضروريتين تكملان بعضهما بعضاً على الرغم من تعارضهما، وتحتّمان على إسرائيل القيام بتجديدات جذرية، وهما: طرح مبادرة سلام شاملة من طرف واحد؛ تطوير عقيدة عسكرية جديدة جزئياً تتضمن عناصر هجومية معدة للاستخدام عند الحاجة.
· لسنا بحاجة إلى تعليل حاجتنا إلى عقيدة عسكرية جديدة جزئياً، ومما لا شك فيه أن المسؤولين العسكريين يدركون ذلك، لكن علينا الاعتراف بأن انعكاساتها قد لا تكون مريحة سياسياً. إذ سيكون من الضروري زيادة الميزانية الأمنية وتحويل مزيد من الموارد لتلبية متطلبات العقيدة العسكرية الجديدة. ومعنى هذا أن احتمالات تحسين سياسة الرفاه ستكون محدودة جداً، الأمر الذي يثير المخاوف من الإضرار بالاقتصاد الإسرائيلي، ولا سيما في ظل الأزمة الاقتصادية العالمية.
· ونصل هنا إلى الحديث عن مبادرة السلام. فهناك من يقول إن الوقت غير ملائم لها، وإنها ستفسر كعلامة ضعف من جانب إسرائيل، وستؤدي إلى زيادة العداء لها. لكن يجب القول إن الثورات لا تجلب المخاطر فقط، بل تولد فرصاً أيضاً، ذلك بأنها تزعزع ما هو قائم وتساهم في تليين التصلب. ومن الأمثلة على ذلك تحرك الجامعة العربية غير المسبوق ضد سورية، والذي كان من المستحيل حدوثه قبل عام.
من الصعب أن نتجاهل أنه مثلما قامت الثورات العربية بتغيير أشياء كثيرة، وزادت في العداء إزاء إسرائيل، فإنها خلقت أيضاً فرصة لمبادرة سلام إسرائيلية جدية موثوق بها وشاملة. من هنا فإن الجمود الفكري، والقيام بتقليصات في الميزانية الأمنية إرضاء للناس، هما نقيض المبادرات الخلاقة المطلوبة من أجل مواجهة الثورات في المنطقة مع كل المخاطر والفرص المترتبة عليها.