· على الرغم من أن عناوين وسائل الإعلام تكرّر في الأيام الأخيرة أن الأزمة الاقتصادية الحادة التي تعصف بإيران، تحت وطأة العقوبات القاسية المفروضة عليها، ستؤدي إلى واحد من أمرين، إمّا إلى سقوط النظام الإيراني، وإمّا إلى وقف تطوّر برنامجه النووي، إلا إنني أعتقد أن النظام في طهران لن يسارع إلى التخلي عن برنامجه النووي، وأن المواطنين في إيران لا يملكون في المقابل القدرة الكافية على ترجمة إحباطهم ومعاناتهم إزاء هذا النظام إلى ممارسات تشكل ضغوطًا عليه. وبناء على ذلك فإن الأمل الذي يراود البعض بأن تؤدي الضغوط الاقتصادية التي تُمارس على إيران إلى التخلي عن شن عملية عسكرية ضدها لن يتحقق.
· في الوقت نفسه، لا يعني هذا الكلام أن الحل الوحيد للمشكلة النووية الإيرانية كامن في الخيار العسكري. إن العقوبات الاقتصادية هي شرط ضروري لحل هذه المشكلة، لكنه غير كاف. وثمة شرط آخر لا بُد منه، كامن في التوصل إلى اقتراح توافق عليه الأسرة الدولية كلها. وهذا الأمر لم يتحقق حتى الآن، وذلك بسبب معارضة كل من الصين وروسيا.
· وفيما يتعلق بروسيا، معروف أنها في كل ما يخص الموضوع الإيراني تعمل على نحو مضاد للولايات المتحدة، لكون هذه الأخيرة تنتهج سياسة خارجية تلحق أضرارًا فادحة بالمصالح الروسية، بدءًا بالانتقادات المتكررة التي يوجهها المسؤولون الأميركيون إلى موضوع انعدام الديمقراطية في روسيا، وانتهاء بمحاولات التدخل الأميركية في شؤون الجمهوريات التي كانت جزءًا من الاتحاد السوفياتي السابق. وفي ضوء ذلك، يمكن القول إن كل ما ستحاول الولايات المتحدة أن تفعله، ستحاول روسيا في المقابل أن تعرقله.
· إذا كانت الولايات المتحدة معنية فعلا بحل المشكلة النووية الإيرانية بالوسائل السياسية، يتعين عليها أولا وقبل أي شيء أن تستميل روسيا إليها، وذلك من خلال الأخذ في الاعتبار مصالح روسيا المتعلقة بموضوعات أخرى.