جميع الدلائل تشير إلى أن حكومة نتنياهو وإدارة أوباما على أعتاب فترة مواجهة
المصدر
يديعوت أحرونوت

تعني بالعربية "آخر الأخبار"، تأسست سنة 1939، وتصدر باللغتين العبرية والإنكليزية، كما يمكن قراءتها على موقعها الإلكتروني "ynet". وهي تُعتبر الصحيفة الثانية الأكثر انتشاراً في إسرائيل. تنتهج الصحيفة خطاً سياسياً أقرب إلى الوسط الإسرائيلي، يصدر عن الصحيفة ملحق اقتصادي بعنوان "كلكاليست".

  • لم يأت الرئيس الأميركي باراك أوباما أول من أمس (الجمعة) إلى "منتدى صبّان" في واشنطن ليحظى بالهتاف له خلافاً لما كانت عليه الحال لدى ظهوره السابق أمام جمهور إسرائيلي في "مباني الأمة" في القدس، بل جاء ليوضح بعض الأمور الحسّاسة وقد أوضحها فعلاً. 
  • وحينما نزيل القشرة الدبلوماسية عن كلامه ونضيف إليه ما قاله لنا في الغرف المغلقة هنا مسؤولون من الإدارة الأميركية الآن وفي السابق، فإن بإمكاننا أن نوجزه على النحو الآتي: أولاً، دخلت الولايات المتحدة المفاوضات مع إيران في وضع غير سهل على الإطلاق، إذ إن التحالف الدولي الذي أوجد نظام العقوبات هدّد بفضّه، واشتكت روسيا والصين وكوريا الجنوبية واليابان من أنها تدفع ثمناً باهظاً بسبب العقوبات وضغطت لتخفيفها؛ ثانياً، عارض معظم الأميركيين ويعارضون عملية عسكرية ضد إيران. وتقول استطلاعات الرأي إن أكثرية الأميركيين تتحفظ الآن حتى من أي مبادرة أميركية في الشؤون الخارجية؛ ثالثاً، زعمت إسرائيل وتزعم أن إيران كانت على شفا الخنوع، لكن الإدارة الأميركية اعتقدت خلاف ذلك فلولا الاتفاق لوصلت إيران إلى القنبلة النووية. 
  • بعبارة أخرى فإن الولايات المتحدة دخلت مسار التصالح مع إيران وهي أقل قوة مما نعتقد، وكانت إيران أقل ضعفاً، والاتفاق معقول في ظل هكذا ظروف.
  • فضلا عن ذلك، اعترف أوباما لأول مرة بصوته بأن إيران تستطيع في نطاق الاتفاق النهائي أيضاً أن تخصّب اليورانيوم. واعترف كذلك بأن الاتفاق النهائي مهما يكن جيداً لن يستطيع أن يمنع النظام الإيراني من امتلاك سلاح نووي لأنه لا يمكن القضاء على العلم ولا على التكنولوجيا. وبالتالي ستصبح إيران في واقع الأمر دولة على عتبة إنتاج سلاح نووي.
  • وعد أوباما بأنه في حال تفجر المفاوضات فستعود العقوبات كاملة وربما تزداد، و"سيدرس" الخيار العسكري. ويخيّل إليّ أن كل واحد في القاعة فهم أن هذا الكلام لن يخيف أحداً في طهران، لأن مسار خفض العقوبات الدولية لديه حراك خاص به ولا يمكن تقريباً وقفه أو حتى إعادته إلى الوراء. وفي ما يتعلق بالخيار العسكري، فليس له مؤيدون لا في المؤسسة العسكرية ولا في أوساط الرأي العام في الولايات المتحدة. ويصعب على الزعيم هناك أن يأمر بعملية عسكرية يرفضها معظم الرأي العام منذ يومها الأول.
  • على صعيد آخر، يبدو أن أوباما وصف بصدق الخلافات في الرأي بينه وبين رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو. فهذا الأخير يعتقد أنه يمكن ويجب إخضاع إيران، بينما يعتقد أوباما أنه يمكن تحصيل شيء أكثر منها بطريقة دبلوماسية. ومهما يكن الأمر فقد توصّل أوباما إلى قراره الحاسم. ووفقاً لأجوبته عن أسئلة حاييم صبّان فإنه مستعد لمشاورة نتنياهو، لكنه غير مستعد لتلقي أي إملاءات منه.
  • بقي أمام نتنياهو كما يبدو ورقة لعب واحدة وحيدة هي أن يهدد الرئيس [الأميركي] بقانون يسنه أصدقاء إسرائيل في الكونغرس ويقضي بتشديد وطأة العقوبات على إيران إذا لم يتم إحراز اتفاق مُرض معها بعد ستة أشهر. لكن ورقة اللعب هذه تبدو الآن ضعيفة للغاية لأن الجمهوريين الذين يسارعون إلى التشاجر مع أوباما على أي شأن داخلي، لا يسارعون إلى تبني سنّ قانون يظهر أنهم داعون إلى شنّ حرب أخرى.
  • كان أوباما واضحاً كثيراً أيضاً في أجوبته عن أسئلة صبّان في ما يتعلق بالشأن الفلسطيني. فقد أكد أن الحل معروف ويقصد انسحاباً إسرائيلياً إلى خطوط 1967 مع تبادل أراض. ونوّه بأن إسرائيل تخشى على أمنها والولايات المتحدة تتفهمها، ولذا أعد الجنرال الأميركي جون ألين سلسلة وسائل أمنية تقنية وغيرها يمكنها من وجهة نظر الإدارة الأميركية، ضمان أمن إسرائيل من غير الضفة الغربية. هذا هو رأي الإدارة الأميركية، لكن القرار النهائي متروك لنتنياهو والجيش الإسرائيلي، وفي ما يتعلق برئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس فسيضطر إلى قبول خطة يكون فيها الانسحاب الإسرائيلي (من غور الأردن مثلاً وغيره) بالتدريج ويمتد زمنا طويلاً ويتم تعليل ذلك بالخشية من أن تنتقل الضفة مثل غزة إلى سيطرة جهات "إرهابية".
  • إن المطالب الأمنية هي الدرع التي تتيح لحكومات إسرائيل إمكان تأجيل التفاوض حول الموضوعات المؤلمة مثل خطوط الحدود والقدس وإخلاء المستوطنات. ونشك في أن يستطيع الأميركيون إيجاد ترتيبات أمنية تجعل نتنياهو يوافق على الانسحاب إلى خطوط 1967 أو حتى مناقشة هذا الانسحاب. ونشك في أن يستطيع عباس الموافقة سياسياً على خطة انسحاب تمتد أعواماً طويلة. إن الشعور العام السائد هنا بين الأميركيين والإسرائيليين على حدّ سواء إزاء الشأن الفلسطيني، هو أن المفاوضات انحرفت عن مسارها وأن الانفجار قريب ولا يمكن منعه. وأعرب أوباما عن أمله أن يتوصل الجانبان بعد المهلة المحدّدة إلى خطة مشتركة يستطيعان الانطلاق منها إلى الأمام. إن هذه العبارة لا تصف الواقع البائس في غرف المفاوضات وإنما تعبّر عن أمنية في القلب.
  • إن جميع الدلائل تشير إلى أن حكومة نتنياهو وإدارة أوباما على أعتاب فترة مواجهة. صحيح أن اللغة مهذبة، لكن القرارات التي يعرضها كل جانب على الآخر صعبة ومشحونة ومقرونة بأثمان سياسية باهظة. لقد كانت حالة الجوّ في واشنطن أول من أمس قاتمة وباردة، ويعتقد المتنبئون أن العاصفة قادمة لا محالة.
 

المزيد ضمن العدد 1793