أوباما جاء ليطمئننا بشأن الاتفاق مع إيران فخرجنا أكثر قلقاً
تاريخ المقال
المصدر
- حضر رئيس الولايات المتحدة باراك أوباما أول من أمس (الجمعة) إلى "منتدى صبّان" [المؤتمر السنوي الذي يقيمه مركز صبّان لدراسات الشرق الأوسط التابع لمعهد بروكينغز في واشنطن] كي يحاول إقناع المشتركين فيه بأن الاتفاق المرحلي بين مجموعة الدول 5+1 وإيران جيد وأفضل مما كان قبله. وفي حديث إلى صديقه المقرب حاييم صبّان في إطار المنتدى، قال رئيس الدولة العظمى: "إن هدفي النهائي بصفتي رئيساً للولايات المتحدة - وقلت ذلك علناً وفي أحاديث مغلقة - أن أمنع إيران من امتلاك سلاح نووي، لكنني قلت أيضاً إن أفضل طريق لإحراز ذلك هو حل دبلوماسي موثوق به".
- أراد رئيس الولايات المتحدة الذي جاء ليتحدث بعد الساعة الثامنة مساء بقليل (بحسب توقيت إسرائيل) ربما بقصد أن يدخل إلى نشرات الأخبار في البلد، أن يطمئن الإسرائيليين الذين لا يثقون به كثيراً، فوفقاً لاستطلاع الرأي العام الذي نشر هنا قبل أسبوعين لا يؤمن 76,4% من الإسرائيليين بأن إيران ستوقف البرنامج النووي، وقد اهتم حاييم صبّان نفسه [الذي حاور أوباما] بأن ينقل هذا المعطى في أول سؤال وجهه إلى الرئيس الأميركي. وأراد أوباما أيضاً أن يُبيّن أن كل رئيس سيجلس على كرسيه سواء كان جمهورياً أو ديمقراطياً يلتزم أمن إسرائيل.
- لقد أُتيحت خلال المنتدى لي فرصة عرض سؤال على الرئيس أوباما فطرحت السؤال التالي: "سيدي الرئيس، غطيت المحادثات مع إيران في جنيف وتلك التي تمت في تركيا سنة 2011 أيضاً. والفرق الكبير الذي رأيته هو أن القوى العظمى أصبحت هذه المرة متحمسة أكثر من الإيرانيين للتوصل إلى اتفاق. أنت تُحدثنا عن تفهمك للقلق الإسرائيلي من البرنامج النووي والتزام الولايات المتحدة أمن إسرائيل، لكن كيف يستوي ذلك مع المحادثات السرية التي أجرتها الولايات المتحدة مع إيران من دون أن تُبلغ إسرائيل بها؟".
- أجابني أوباما قائلاً: "لم يكن هناك كثير من المحادثات السرية مع إيران. لكن منذ اللحظة التي توليت فيها مهمات منصبي أعلنت أننا سنتوجه إلى إيران من خلال القنوات الدبلوماسية. قيل أكثر من مرة إنه لا فرق بين [الرئيس الإيراني الجديد] حسن روحاني وسلفه محمود أحمدي نجاد، ومن الواضح أن روحاني جزء من المؤسسة الإيرانية، لكنه يمثل تطلع الشعب الإيراني إلى تغيير الاتجاه. إن التحديات في الشرق الأوسط عظيمة. في الوقت الحالي ليس من الممكن أن نقول بيقين إن إيران سيجري فيها تغيير، لكن ليس من الممكن أيضا أن نقول غير ذلك. إن الفكرة هي أن نُقدر هل ستغير إيران سياستها. أنا أُقدر أنه في نهاية الأمر ثمة احتمال لا يزيد عن 50% بـأن نتوصل إلى اتفاق نهائي مع إيران".
- لم يعد سراً أن أوباما رئيس يُنهي حروباً ولا يفتح جبهات جديدة. وقد برهن على ذلك في سورية، وخرج إلى معركة في ليبيا فقط حينما لم يكن أمامه خيار آخر وبعد أن قاده آخرون.
- ويأمل الرئيس في حل دبلوماسي مع إيران أيضاً وإن أعلن أول من أمس أن "الاتفاق مع الإيرانيين لا يقوم على أساس الثقة". وليس من المؤكد أن تُطمئن هذه الصراحة الرئاسية 76,4% من الإسرائيليين. بيد أن أوباما قال أيضاً إن "تسوية سياسية مع إيران ستحرز إنجازات أكثر من كل الخيارات الأخرى المطروحة على الطاولة".
- حضر أوباما كما قلت آنفاً إلى "منتدى صبّان" كي يدافع أساساً عن الصفقة التي تقلق القدس، وأكد أن افتراض أن الصفقة مع إيران ستكون سيئة ولذا لا تنبغي المحاولة ليس خياراً مقبولاً منه.
هل أوباما ساذج كما يعتقد كثيرون في إسرائيل؟ - لقد أشار إلى أنه "يجب علينا أن ندرس كل الخيارات، لا يقوم ذلك على الثقة، بل على التحقق من الوقائع. ولا تستطيع إسرائيل أن تدع مقاولين خارجيين يهتمون بأمنها.
- وتناول في كلامه أيضاً العقوبات المفروضة على إيران، وقد عارض في الآونة الأخيرة تشديد الكونغرس لها لكنه اعترف بضرورتها قائلاً: "لقد أنشأنا نظام عقوبات لم يسبق له مثيل، الأمر الذي جعل الاقتصاد الإيراني في حالة شلل".
يريد أوباما شرق أوسط جديداً. وهو يؤمن أيضاً بإمكان توصل واشنطن إلى اتفاق مع موسكو بشأن القضية السورية. - لكن أوباما يريد فوق ذلك كله أن يفهم الإسرائيليون أنهم ليسوا وحدهم في مواجهة التهديد النووي الإيراني، ولذا حرص على تأكيد أن مصلحة الولايات المتحدة الأمنية لا مصلحة إسرائيل فقط، كامنة في منع إيران من امتلاك سلاح نووي، وأنه لا يسقط أي خيار من جدول الأعمال، لكن يجب أن ندرس أولاً إمكان تنفيذ حل دبلوماسي في هذا الشأن، وإذا لم تف إيران بالتزاماتها فسيعود الدولاب إلى الخلف في كل ما يتعلق بالعقوبات.
- كما أراد أوباما أن يطمئن الحضور بشأن حدّة الخلافات بينه وبين رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، فقال: "خفضنا خط نتنياهو الأحمر إلى الصفر. إن الاتفاق مع إيران لا يقوم على الثقة، لكن هدفي في آخر الأمر بصفتي رئيساً للولايات المتحدة أن أمنع إيران من الحصول على السلاح النووي، وأن أتشاور مع نتنياهو طول الوقت وقد تشاورنا على مدار الأعوام الخمسة الأخيرة كلها. والتعاون العسكري مع إسرائيل لم يكن جيداً في السابق كما هو عليه الآن، وهذا ينسحب أيضاً على التعاون الاستخباراتي".
ما الذي أراد أن يقوله لنا الرئيس أوباما في واقع الأمر؟ - جاء في الأساس كي يدفع قدماً بالاتفاق والحل الدبلوماسي على حساب الخيار العسكري. وأراد حاييم صبّان الذي أدار الحوار مع الرئيس كصحافي خبير، أن يُذكر بأن رؤساء أميركيين سابقين التزموا ألا تتحول باكستان وكوريا الشمالية إلى دولتين نوويتين، فسأل أوباما: "ما الذي تغير في هذه المرة؟"، فأجابه أوباما: "نحن لا نعلم في الحقيقة. هذا صعب". ومثلما أجاب عن سؤال "يسرائيل هيوم"، أضاف: "هذه مقامرة بنسبة 50% في مقابل 50% لكن يجب أن نحاول". وإزاء ذلك يمكن القول إن أوباما جاء كي يطمئننا فخرجنا أكثر قلقاً.
- لم ينسَ الرئيس أوباما أن يتناول الشأن الفلسطيني أيضاً، فقال إن "هذا تحدّ نواجهه منذ ستين عاماً. والسبيل الوحيد لحل النزاع أن يفهم الفلسطينيون والإسرائيليون أن السلام أفضل لهم من النزاع. تستطيع الولايات المتحدة أن تتوسط وتستطيع أن تساعد في التقريب بين وجهات النظر، لكن يجب على الجانبين أن يريدا الوصول إلى هناك. إن المفاوضات الجارية حالياً ليست سهلة لكنها جادّة، ويمكن إحراز تسوية، غير أن ذلك بحاجة إلى قرارات سياسية صعبة".