كيف نعالج مشكلة بدو النقب؟
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف

 

  • من بين جميع مكونات المجتمع الإسرائيلي تبدو ضائقة البدو في النقب هي الأصعب على الاطلاق. فمستوى التعليم لديهم هو الأكثر تدنياً، وظروف سكنهم هي الأقسى، ومستوى دخلهم هو الأقل. في مقابل ذلك، يمر البدو بعملية مؤلمة هي الانتقال من حياة الترحال التي طبعت حياتهم لأجيال عديدة، إلى العيش في مجتمع مديني يستند إلى حد كبير إلى التكنولوجيا الحديثة.
  • وعلى الرغم من أن تعدد الزوجات ممنوع في إسرائيل، فإنه منتشر وسط بدو النقب. وتأتي النساء من غزة ومن يهودا [الضفة الغربية] ومن الأردن. ولا تعتبر الزيادة السكانية وسط المجتمع البدوي الأعلى في إسرائيل فقط، بل هي الأعلى في العالم كله، فلدى نشوء الدولة كان عدد البدو في النقب 18 ألفاً، أما اليوم فهناك أكثر من 200 ألف. ونتيجة لذلك، فإن نصف هذا العدد يعيش في ما يعرف باسم "القرى غير المعترف بها"، التي من جهة ليس فيها البنى التحتية الأساسية التي تتطلبها الحياة المعاصرة، ومن جهة أخرى تشكل عائقاً في وجه تطوير النقب.
  • خلال الأعوام الـ65 الماضية، تجاهلت الحكومات الإسرائيلية وضع البدو. والفراغ الذي تركته هذه الحكومات ملأته الحركة الإسلامية الشمالية المتحالفة مع الإخوان المسلمين في مصر ومع حركة "حماس" في غزة. ونشط أعضاء الحركة وسط البدو وعملوا لتقوية ارتباطهم بالدين، ولإقناعهم بأنهم فلسطينيون وأن على الشباب منهم عدم التطوع في الجيش الإسرائيلي، وأن دولة إسرائيل عدوة لهم.
  • وعلى الرغم من مباركتنا لنيات حكومة نتنياهو في معالجة المشكلات التي يعاني منها البدو في النقب، فثمة شك في أن الخطوات التي تتضمنها خطة بيغن - برافر هي الحل. فالخطة تضمنت اعترافاً بجزء من المطالب المشكوك بأمرها لبعض البدو في ملكيتهم للأراضي، ورفضت مطالب مشابهة أخرى، كما فرضت بالقوة انتقال جزء من البدو إلى بلدات جديدة. فلا عجب أن يثير ذلك غضب الكثير من البدو. وقد استغل الوضع أعضاء الكنيست العرب المتطرفون الذين يحاولون تحويل الموضوع إلى جزء من النزاع الفلسطيني-الإسرائيلي.
  • ماذا نستطيع أن نفعل؟ في البداية يجب أن نفهم أن الانتقال من نمط الحياة التقليدية إلى الحياة المعاصرة أمر لا يمكن فرضه من خلال القانون والمحامين. ففي الأساس، ليست هذه مشكلة قانونية ولا يمكن حلها بواسطة القانون، ويجب عدم حلها بالاكراه. ما زلنا نذكر ماذا جرى عندما أُخرج سكان غوش قطيف بالقوة من منازلهم، علينا ألا نكرر ما فعلناه هناك. إن الذي باستطاعته مساعدة البدو على التغلب على صعوبة الانتقال هم الخبراء في هذا المجال من علماء الأنثروبولوجيا.
  • ولسنا بحاجة لأن نكون علماء أنثروبولوجيا كي ندرك أن المشكلة الأساسية لا تكمن في مشكلة الأراضي بل في غياب التعليم المطلوب. يجب السماح للبدو بالحصول على المعرفة والمؤهلات المطلوبة من أجل الاندماج في المجتمع الإسرائيلي. وكل من يعرف جهاز التعليم لدى بدو النقب يدرك أن الأمر يتطلب جهداً رسمياً كبيراً بدءاً من روضة الأطفال حتى الجامعة. أما المطالبة بحقوق ملكية الأراضي فيجب أن تعالجها المحاكم ولا ضرورة لقوانين جديدة.
  • إلى جانب ذلك، يجب منع تعدد الزوجات الذي يسيء إلى البدو أنفسهم. ويجب ابعاد الحركة الإسلامية التي في الأساس لا تضع مصالح البدو في رأس اهتماماتها. ويجب على الجيش الإسرائيلي ايجاد الحوافز التي تشجع الشباب البدو على الانضمام إلى صفوفه، ففي النهاية هو المؤسسة التعليمية الأفضل في إسرائيل.
 

المزيد ضمن العدد 1793