· إن السؤال الذي لا بُد من طرحه في إثر "القرائن" و"الشهادات الجديدة" المتعلقة بعملية اغتيال [رئيس الحكومة اللبنانية الأسبق] رفيق الحريري، والتي عرضها [الأمين العام لحزب الله] السيد حسن نصر الله خلال مؤتمره الصحافي نهار الاثنين الفائت، هو: ما هي الدوافع التي تحدو إسرائيل إلى ارتكاب عملية اغتيال الحريري؟
· ومع أنه لا يوجد سبب واحد يمكن أن يجعل إسرائيل تقدم على ارتكاب مثل هذه العملية، إلا إن نصر الله يصرّ على توجيه أصبع الاتهام إليها. ولعل الدافع الجوهري الذي يقف وراء إصراره هذا، هو تجنب إلقاء مسؤولية ارتكابها على عاتقه، لأن ذلك من شأنه أن يسفر عن قلب الأوضاع في لبنان كله رأساً على عقب، فضلاً عن تقويض مكانة حزب الله. ولا شك في أنه في حال حدوث ذلك [أي تحميل حزب الله المسؤولية عن اغتيال رفيق الحريري] فإن الحكومة اللبنانية ستسقط، وتعود موجة الاغتيالات، وربما ينشأ وضع يكون مقاتلو حزب الله فيه مضطرين إلى السيطرة على بيروت.
· في واقع الأمر، فإن نصر الله نجح حتى الآن في تحقيق ما يرغب فيه. ففي إثر مسرحيته الإعلامية الكبرى، لم يعد القاضي دانييل بيلمار، المدعي العام في المحكمة الدولية الخاصة بلبنان، يملك خياراً إلا توجيه الدعوة إلى كل من يملك وثائق لم تخضع للفحص في السابق كي يسلمها إليه. وبطبيعة الحال، فإن نصر الله سيسلم الأفلام والوثائق وأكواماً كبيرة من الأوراق المتراكمة لديه إلى المحكمة الدولية، الأمر الذي سيؤدي إلى إرجاء إصدار القرار الظني أشهراً طويلة. وعلى ما يبدو، فإنه ينوي أن يبذل كل ما في وسعه من أجل إشغال المحكمة الدولية.
· في المقابل، فإن القاضي بيلمار ربما سيحاول أن يخرج نصر الله من مخبئه كي يدلي بشهادته أمامه، لكن من المتوقع أن يعلن هذا الأخير أنه ما دامت المحكمة الدولية لم تقم بعد باستدعاء كبار المسؤولين في إسرائيل، مثل رئيس الحكومة ووزير الدفاع ورئيس جهاز الموساد ورئيس هيئة الأركان العامة، للإدلاء بشهاداتهم، فإنه لن يبرح مخبأه. أمّا إذا كان هناك رغبة في إحضاره بالقوة، فإن الطريق لذلك تمرّ عبر رئيس الجمهورية اللبنانية، ميشال سليمان، الذي سبق أن أعلن أنه لن يسمح بمس شعرة واحدة من أي مسؤول من كبار المسؤولين في حزب الله.
إن ما يمكن قوله إزاء هذا كله هو أن نصر الله أصبح الزعيم الوحيد الذي يمسك علبة الثقاب في لبنان، ولذا، فإن أي تحدّ له ربما يسفر عن اشتعال نار كبيرة في ذلك البلد.