· إن الهدوء المطلق المسيطر على منطقة الحدود الإسرائيلية ـ اللبنانية غير ناجم عن قوة الردع الإسرائيلية فحسب، بل أيضاً عن إملاءات صادرة من إيران. فما دامت المصلحة الإيرانية تقتضي الاحتفاظ بقوة حزب الله إلى يوم مصيري حقيقي، فإن أي مواجهة لبنانية داخلية لن تشكل حجة لاستئناف المواجهة العسكرية مع إسرائيل.
· ومن وجهة نظر إيران، فإن اليوم المصيري الحقيقي سيحين عندما تكون السلطة في طهران عرضة لتهديد مباشر. وبالتالي، فإن نشر قرار المحكمة الدولية الخاصة بلبنان، فيما يتعلق بعملية اغتيال [رئيس الحكومة اللبنانية الأسبق] رفيق الحريري، لا يُعتبر في نظر إيران أو لبنان أو إسرائيل حجة كافية لخوض حرب أخرى.
· ومع ذلك، فإن المؤسسة الأمنية ووزارة الخارجية في إسرائيل تتابعان، استخباراتياً وسياسياً، ما يحدث داخل لبنان كله أولاً بأول، ذلك بأن أي توتر أو عدم استقرار من شأنهما تأجيج إمكان حدوث سيناريوهات خطرة تسفر عن فقدان السيطرة على جماعات مسلحة متطرفة وعن وقوع استفزازات على طول الحدود مع إسرائيل.
· ومن المتوقع أن تشهد الأسابيع القليلة المقبلة، حتى موعد نشر قرار المحكمة الدولية الخاصة بلبنان، جهوداً لبنانية وعربية كبيرة لتخفيف حدّة التوتر في هذا البلد. وتركز هذه الجهود في الوقت الحالي على: أولاً، محاولة تغيير قرار المحكمة الذي يتضمن توجيه إصبع الاتهام [بارتكاب عملية اغتيال الحريري] إلى حزب الله؛ ثانياً، محاولة تأجيل نشر قرار المحكمة إلى موعد آخر؛ ثالثاً، محاولة التوضيح لسعد الحريري أنه ليس النجل اليتيم لرفيق الحريري فحسب، بل أيضاً رئيس الحكومة اللبنانية الذي تقع على عاتقه مسؤولية الحفاظ على الاستقرار في البلد.
· على الرغم من أن أسماء المتهمين في القرار الظني، التي جرى تسريبها، لا تشمل الأمين العام لحزب الله، السيد حسن نصر الله، إلا إن هناك تقديرات قوية تؤكد أنه متورط حتى أذنيه في عملية اغتيال رفيق الحريري، الأمر الذي سيجعله يخوض مواجهة مباشرة شخصية مع سعد الحريري.
لكن ما يجب قوله إزاء ذلك هو أنه حتى في حال نشر قرار المحكمة الدولية، فإن ذلك لن يسفر عن زعزعة المكانة التي يحظى حزب الله بها داخل الحكومة ولدى الرأي العام في لبنان، ذلك بأن هذه المكانة راجعة أكثر من أي شيء آخر إلى القوة العسكرية للحزب. وفي المقابل، فإن سعد الحريري برهن حتى الآن على كونه زعيماً براغماتياً، وقد سبق أن قام بزيارة للرئيس السوري بشار الأسد، وبالتالي، من الصعب تصديق أنه سيدع لبنان يتدهور نحو حرب أهلية.