· تصادف في الشهر الحالي ذكرى مرور خمسة أعوام على تنفيذ خطة الانفصال عن قطاع غزة. ومنذ ذلك الوقت لا تكاد تمر جلسة واحدة للحكومة الإسرائيلية إلا ويطرح أحد الوزراء فيها مشكلة المستوطنين الذين جرى إخلاؤهم من مستوطنات غوش قطيف، علماً بأن الدولة صرفت حتى الآن أكثر من 9 مليارات شيكل على هؤلاء المستوطنين، ولا تلوح في الأفق نهاية لقضيتهم. وليت هذه الدولة تقوم بصرف مثل هذه المبالغ على البلدات الإسرائيلية الفقيرة.
· فيما يتعلق بالانفصال ذاته، فإنه لا بُد من القول إن تأسيس حركة "حماس" وجناحها العسكري حدث خلال الاحتلال الإسرائيلي لقطاع غزة لا بعد الانفصال عنها، تماماً مثلما أن تأسيس حزب الله ومنظومته العسكرية والصاروخية حدث في إبان الوجود الإسرائيلي في لبنان. كذلك فإن مستوطنات النقب الشمالية، التي أصبحت تسمى "المستوطنات المحاذية لغزة"، تعرّضت لإطلاق صواريخ القسّام قبل الانفصال، في حين أن أول صاروخ أطلق على عسقلان كان في آب/ أغسطس 2003، أي قبل الانفصال بعامين.
· لقد حدثت عملية الانفصال عن غزة متأخرة أعواماً كثيرة، وجرى تنفيذها بصورة ملأى بالعيوب، ومع ذلك، فإن المنطق الأخلاقي والسياسي الذي وقف وراءها، وكذلك الفوائد الأمنية والاقتصادية التي انطوت عليها، ما زالا صحيحين ومبررين.
إن القضيتين المصيريتين اللتين تواجههما إسرائيل أكثر من أي شيء آخر هما الاحتلال والسلام. لكن بينما يمكن إنهاء الاحتلال بصورة أحادية الجانب، فإن السلام بحاجة إلى شريك حقيقي، وبينما يمكن لإسرائيل أن تستمر في البقاء خمسين عاماً آخر من دون سلام، فإنها ستواجه صعوبة كبيرة في البقاء عشرة أعوام أخرى مع استمرار الاحتلال. بناء على ذلك، فإن الانفصال المقبل يبدو حتمياً.