· يبدو أن رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو ينظر إلى الرئيس الأميركي باراك أوباما باعتباره صديقاً حقيقياً لإسرائيل، وذلك خلافاً لكثيرين من كبار المسؤولين في المؤسسة السياسية الإسرائيلية. وفي رأيي، فإن معلقين كثيرين في إسرائيل والولايات المتحدة لا يدركون حقيقة كون هذين الزعيمين رفيقا درب واحد في الطريق نفسها، ولذا، فإنهم يرتكبون خطأ كبيراً في مجال فهم جوهر العلاقات القائمة بينهما.
· لقد راكم نتنياهو حتى الآن ساعات كثيرة من المحادثات مع أوباما، وهو يرى أنه الرئيس الأكثر جدية للولايات المتحدة منذ عشرة أعوام، وهو متأكد من كون أوباما سياسياً ذا صدقية ويتطلع إلى الوفاء بوعوده. ولعل الأكثر أهمية من ذلك كله كامن في كونه الرئيس الأميركي الذي يملك القدرة على بلورة تسوية إسرائيلية ـ عربية يمكن لنتنياهو تمريرها في الكنيست الإسرائيلي، وفي المقابل، يمكن للزعماء العرب تمريرها لدى الرأي العام في بلادهم.
· في الوقت نفسه، فإن باراك أوباما هو بمثابة الأمل الكبير بالنسبة إلى نتنياهو كي ينجح في البقاء في منصبه رئيساً للحكومة الإسرائيلية، بل حتى كي ينتصر في الانتخابات المقبلة، في حين أن نتنياهو هو بمثابة الأمل الكبير بالنسبة إلى أوباما كي يحقق أحد أهم تطلعاته كزعيم عالمي، وهو التوصل إلى حل إسرائيلي ـ فلسطيني نهائي بحلول سنة 2012. فضلاً عن ذلك، فإن التعاون الأمني بين إسرائيل والولايات المتحدة هو تعاون وثيق للغاية، والمساعدات الأميركية العسكرية لإسرائيل سخية جداً، واحتمال قيام الجانبين بعملية عسكرية مشتركة لكبح البرنامج النووي الإيراني لم تسقط من جدول الأعمال.
في ضوء هذا كله، فإن الزيارة الأخيرة التي قام نتنياهو بها للبيت الأبيض، تُعتبر مهمة للغاية، ذلك بأنه حصل خلالها على شهادة تقدير من جانب رئيس أميركي أسود، يتماثل مع اليسار والدول النامية وحقوق الإنسان، ويتبنى سياسة انفتاح على التقاليد الإسلامية، في وقت بلغت حملة النقد الدولية لإسرائيل ذروة غير مسبوقة. وبناء على ذلك، لا بُد من القول إن لقاء أوباما ـ نتنياهو لم يكن إشارة إلى بداية صداقة كبيرة بينهما، كما يدّعي البعض، وإنما كان فصلاً آخر في العلاقة الحميمة وغير المألوفة القائمة بينهما أصلاً.