· قضيت فترة عيد الميلاد في أوروبا، وقد أذهلني السيل العارم من التقارير المصورة التي أوردتها شبكات التلفزة العالمية عن الفوضى الكبيرة في المطارات، بداية جراء العواصف الثلجية، ومن ثم جراء محاولة تفجير الطائرة الأميركية. ويبدو أن العالم أجمع تلقى تذكيراً بأنه ما زال هناك "إرهاب" إسلامي عالمي.
· وفي هذا السياق أود أن أطرح ثلاث نقاط: أولاً، عقب أحداث 11 أيلول/ سبتمبر 2001، أعلن [الرئيس الأميركي السابق] جورج بوش حرباً عالمية ثالثة على "الإرهاب"، غير أن المؤسسة السياسية التي كانت مقربة من المرشح باراك أوباما، في إبان معركة انتخابات الرئاسة الأميركية الأخيرة، أعلنت أن خطر "الإرهاب" مبالغ فيه، وأنه لا بُد من خفض درجته في سلم أولويات الأمن القومي الأميركي. وقد قام أوباما فيما بعد، عندما أصبح رئيساً، بإسقاط كلمة "إرهاب" من قاموسه. ولذا، فإن السؤال المطروح الآن، وبالتزامن مع بدء العام الجديد، هو: هل ستغير إدارة أوباما مقاربتها الأساسية إزاء "الإرهاب" الإسلامي، وتبدأ باعتباره تحدياً من الدرجة الأولى؟
· ثانياً، إن الخطر المحتمل الأكبر في العالم هو "الإرهاب" النووي، وهو خطر يفوق كثيراً خطر تحوّل إيران إلى دولة نووية، وذلك لأنها دولة قائمة في منطقة إقليمية محددة وذات أملاك وسكان وسلطة، وبالتالي يمكن ردعها أو معاقبتها، في حين أن "الإرهاب" العالمي يفتقر إلى ذلك كله. لكن من المعروف أنه في حال امتلاك إيران قدرة نووية، فإن احتمالات تصاعد خطر "الإرهاب" النووي ستكون كبيرة جداً.
· ثالثاً، إن مواجهة خطر "الإرهاب" النووي تبقى مرهونة بتعاون وثيق بين الدول العظمى كافة. لكن يبدو أن المشكلة الأكبر، في بداية العقد الحالي، كامنة في أن الدول العظمى كفت عن ممارسة التأثير الفعال فيما يحدث في العالم، إذ لا يوجد الآن "نظام عالمي"، كما كان في سبعينيات القرن الفائت، عندما أقرت الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي سلسلة من الاتفاقيات التي حددت أصول التعاون فيما يتعلق بفرض "نظام عالمي". وبعد سقوط الاتحاد السوفياتي أصبحت الولايات المتحدة "شرطي العالم" من دون أن تكون مستعدة لذلك، ولذا، فإنها منيت بالفشل في نهاية المطاف، كما أن إدارة أوباما لا تزال تطرح الشعارات. والسؤال المطروح هو: هل سيكون في إمكان هذه الإدارة أن تبلور "نظاماً عالمياً" مع الدول العظمى الأخرى (روسيا؛ الصين؛ والهند؛ الاتحاد الأوروبي؛ اليابان ؛البرازيل)؟