· تدور عجلة المفاوضات بين إيران ومجموعة الدول الخمس زائد واحد (الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن زائد ألمانيا) وفقاً للقول المأثور"خطوة إلى الأمام، خطوتان إلى الوراء". فموسكو هي المحطة التي ستبدأ فيها المفاوضات اليوم، وقد بدأت تبرز، منذ الأسبوع الماضي، شائعات وإشارات من مصادر إيرانية تقول إن هناك حظوظاً للتقدم في المفاوضات، على عكس الأجواء السلبية التي سادت في إثر الاجتماع الذي عُقد في بغداد. وإذا كان هذا صحيحاً فالسؤال هو: في أي اتجاه سيحدث هذا التقدم؟ هل سيكون في اتجاه تحقيق الأهداف التي أعلنها الغرب، بما في ذلك المطالب التي تصر عليها إسرائيل؟ أم في اتجاه مواقف طهران؟
· لقد تنازل الإيرانيون عن مطالبتهم إجراء محادثات مسبقة قبل اجتماع موسكو، إذ كان الهدف منها على ما يبدو تغيير شروط بدء المفاوضات. وتعليقاً على ذلك قال دبلوماسي غربي خبير في الموضوع "سنتعامل بإيجابية مع بعض الأفكار التي لدى الإيرانيين." لكن السؤال الذي يطرح نفسه هو: ما هي هذه الأفكار الإيرانية؟ إنها تلك التي تتمحور في الأساس حول تقليص العقوبات المفروضة على إيران في مقابل الاستعداد (المبدئي) لإخراج مخزونها من اليوارنيوم المخصب بدرجة تتجاوز الـ 20٪ خارج الأراضي الإيرانية.
· في الواقع، في حال جرت الموافقة على هذه الصيغة، سيكون في إمكان الإيرانيين تخصيب ما يحلو لهم من اليورانيوم بما في ذلك في المنشآت الموجودة تحت الأرض في فوردو. وينبغي لنا أن ندرك أنه حتى مع يورانيوم مخصب بدرجة أقل من 20٪، فإن الطريق إلى صنع قنبلة نووية لن يكون طويلاً.
· لقد لمّح دبلوماسيون غربيون إلى أنه في حال طرح الإيرانيون الصيغة المذكورة أعلاه، فإن الغرب مستعد لاقتراح بعض المبادرات (من دون التعهد مسبقاً برفع العقوبات الأساسية). وفي الواقع، ترغب إيران في أن تربط هذه المفاوضات بمسائل أخرى، مثل المسألتين السورية والبحرينية. ووفقاً لمصدر إيراني معروف، لكن غير رسمي، فإن الإيرانيين سيطالبون أيضاً بانسحاب القوات الأميركية من المنطقة، وبالاعتراف بمكانة طهران المتقدمة في العراق وأفغانستان، وبإزالة الإجراءات التي تعتبرها طهران اليوم تشكل تهديداً أميركياً لنظامها، وبتقليص الدعم الأمني لإسرائيل، وبالموافقة على تشكيل منظومة أمنية جديدة للمنطقة كلها مركزها إيران.
· من المحتمل أن توافق روسيا، لأسباب خاصة بها، على عدد من هذه المطالب، إلاّ إنه ليس منتظراً أن يحذو شركاؤها الغربيون، ولا سيما الولايات المتحدة، حذوها. لكن مجرد طرح مثل هذه الأفكار من جانب الإيرانيين يدل على نيتهم استخدام الموضوع النووي كوسيلة لتعزيزهيمنتهم في الشرق الأوسط.
ليس دقيقاً القول إن إسرائيل والولايات المتحدة غير متفقتين بشأن الموضوع الإيراني. إذ ترحب إسرائيل بموقف الولايات المتحدة بـ "عدم السماح لإيران بإنتاج القنبلة النووية"، ومعارضتها الأميركية لسياسة "الاحتواء" (التي تقضي بالسماح لإيران بالوصول إلى القنبلة، مع فرض مجموعة إجراءت تمنعها من استخدامها). كذلك، فإن قول الإدارة الأميركية إن "كل الخيارات مطروحة على الطاولة" هو موضع رضى في إسرائيل، شرط ألاّ تكون المسافة التي تفصل بين "الخيار" وبين قرار استخدامه طويلة جداً. وما يقلق إسرائيل هو استغلال الإيرانيين رغبة الإدارة الأميركية في "كسب الوقت"، لأسباب مختلفة، من أجل تحقيق أهدافهم النووية.