وجه التقرير الذي نشره مراقب الدولة الإسرائيلية القاضي المتقاعد ميخا لندنشتراوس أمس (الأربعاء) بشأن عملية السيطرة العسكرية على قافلة السفن التركية التي كانت متجهة إلى قطاع غزة في أيار/ مايو 2010، انتقادات حادة إلى أداء رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو فيما يتعلق بعملية اتخاذ القرارات قبل تلك العملية، واتهمه بعدم اتخاذ الاستعدادات اللازمة من النواحي السياسية والأمنية والإعلامية لمواجهة هذه القافلة وتداعيات عملية السيطرة عليها، واكتفائه بإجراء مداولات متسرعة وسطحية.
وقال التقرير إن أداء نتنياهو تسبب بكل النتائج الخطرة التي أسفرت عنها عملية السيطرة المذكورة، والتي تمثلت أساساً في ما يلي: أولاً، مقتل 9 نشيطين أتراك كانوا على متن سفينة "مافي مرمرة" التركية وإصابة عشرات النشيطين الآخرين برصاص أفراد فرقة الكوماندوس البحرية الإسرائيلية التي نفذت عملية السيطرة عليها في عرض البحر؛ ثانياً، إصابة 9 من أفراد فرقة الكوماندوس البحرية بجروح؛ ثالثاً، إلحاق أضرار فادحة بصورة إسرائيل في العالم أجمع؛ رابعاً، تدهور العلاقات بين إسرائيل وتركيا.
وأضاف التقرير أن المعلومات بشأن نية تنظيم قافلة السفن المذكورة تراكمت لدى الحكومة الإسرائيلية قبل أربعة أشهر من انطلاق القافلة، ومع ذلك فإن عملية اتخاذ القرارات بشأن مواجهتها تمت بصورة غير منظمة مطلقاً، وعلى نحو غير مناسب بتاتاً، وذلك على الرغم من أن رئيس هيئة الأركان العامة في ذلك الوقت الجنرال غابي أشكنازي، ووزير الدفاع إيهود باراك، حذرا من احتمال إقدام نشيطين سيكونون على متن إحدى السفن على أعمال عنف، وطرحا إمكان أن تكون هناك أسلحة في حيازة هؤلاء النشيطين. كما أن نتنياهو لم يكلف نفسه عناء عقد اجتماع خاص للمجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر للشؤون السياسية - الأمنية للتداول في هذا الشأن.
وأشار التقرير إلى أن وزارة الخارجية الإسرائيلية بذلت جهوداً دبلوماسية لكبح قافلة السفن التركية، غير أنها لم توثق أي شيء بشأن هذه الجهود. في الوقت نفسه جرى إقصاء مجلس الأمن القومي، الذي كان يقف على رأسه عوزي أراد، من جميع المداولات الخاصة بشأن التعامل مع قافلة السفن. وعندما حاول هذا المجلس أن يتعامل مع الموضوع، لم يحظ بأي تعاون من جانب وزارة الدفاع وقيادة الجيش الإسرائيلي. وأكد التقرير أن رئيس الحكومة انتهك قانون مجلس الأمن القومي، وجعل هذا المجلس عقيماً على الرغم من أهميته الأمنية الفائقة، ونقل صلاحيات مخولة له إلى السكرتير العسكري لرئيس الحكومة اللواء يوحنان لوكير.
كما وجه تقرير مراقب الدولة انتقادات إلى أداء وزير الدفاع باراك وأكد أنه لم يدرس بصورة كافية مدى جهوزية الجيش الإسرائيلي لمواجهة احتمال أن يقدم النشيطون الذين كانوا على متن السفينة التركية على أعمال عنف، وذلك خلافاً لما ورد في توصيات لجنة فينوغراد [التي تقصت وقائع حرب لبنان الثانية في صيف 2006] بشأن ضرورة دراسة جهوزية الجيش قبل أي عملية يقوم بها.
وأشار التقرير إلى أن الجنرال غابي أشكنازي رئيس هيئة الأركان العامة السابق لم يطرح على الحكومة سوى خيار السيطرة على قافلة السفن التركية من خلال فرقة الكوماندوس البحرية، وفي الوقت نفسه لم يتضمن خياره احتمال أن يواجه أفراد هذه الفرقة مقاومة من جانب النشيطين الذين كانوا على متن سفينة "مافي مرمرة".
كما أشار التقرير إلى أن الدعاية الإسرائيلية التي اقترنت بعملية السيطرة والتي أشرفت عليها "هيئة الإعلام الوطنية" في ديوان رئيس الحكومة منيت هي أيضاً بفشل ذريع، ويعود سبب هذا الفشل إلى عدم استعداد هذه الهيئة بصورة كافية عشية تلك العملية.
وشدد التقرير في فصل الاستنتاجات على ضرورة استخلاص الدروس اللازمة من فشل عملية السيطرة على قافلة السفن التركية، ولا سيما في كل ما يتعلق بعملية اتخاذ القرارات في حالات شبيهة في المستقبل.
وعقب رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو على التقرير، فأبدى تقديره لأداء مراقب الدولة، وقال إن الأمر الأهم في المحصلة النهائية هو أن المواطنين في إسرائيل يتمتعون منذ ثلاثة أعوام بالأمن على نحو منقطع النظير، ويشكل هذا الأمر نتيجة مباشرة للإدارة المسؤولة والسياسة الحازمة من جانب الحكومة. وأضاف نتنياهو أن المناقشات الأمنية التي تجري خلال الأعوام الثلاثة الفائتة، أي في أثناء فترة ولاية الحكومة الحالية، تعتبر غير مسبوقة من ناحية كثرة المشاركين فيها وشموليتها، وهذا الأمر يمكن أن يشهد عليه كل من يشترك في هذه المناقشات.
وقال مستشار الأمن القومي لدى رئيس الحكومة ورئيس مجلس الأمن القومي اللواء احتياط يعقوب عميدرور إن مراقب الدولة نفسه قال في التقرير أنه غير متأكد على الإطلاق من أن نتائج عملية السيطرة على قافلة السفن التركية ستكون أفضل لو كانت عملية اتخاذ القرارات بشأن الاستعدادات اللازمة مغايرة لما حدث. وشدد على أنه منذ تلك العملية واجهت إسرائيل قافلة سفن أخرى وقافلتين جويتين وأحداثاً أخرى وكانت نتائجها مختلفة تماماً. وأضاف: "إننا نتعامل الآن مع تحديات أخرى في الحلبة الدولية، وأعتقد أن دراسة هذا التعامل من شأنها أن تعزز الانطباع بأن عملية اتخاذ القرارات صارت الآن أفضل كثيراً، وهي تجري بصورة منهجية ومنظمة."
وجاء في بيان خاص صادر عن "هيئة الإعلام الوطنية" في ديوان رئيس الحكومة أنه بناء على توصيات تقرير مراقب الدولة سيتم النظر في بلورة خطة شاملة لتحسين أداء هذه الهيئة، وأكد أن الهيئة بدأت بتصحيح بعض القصورات التي أشار إليها التقرير قبل صدوره.