نقاط عدم الاتفاق بين إسرائيل والولايات المتحدة تجاه موضوع السلاح النووي الإيراني
المصدر
معهد دراسات الأمن القومي

معهد أبحاث إسرائيلي تابع لجامعة تل أبيب. متخصص في الشؤون الاستراتيجية، والنزاع الإسرائيلي -الفلسطيني، والصراعات في منطقة الشرق الأوسط، وكذلك لديه فرع خاص يهتم بالحرب السيبرانية. تأسس كردة فعل على حرب تشرين الأول/أكتوبر 1973، بقرار من جامعة تل أبيب؛  وبمرور الأعوام، تحول إلى مركز أبحاث مستقل استقطب مجموعة كبيرة من الباحثين من كبار المسؤولين الأمنيين، ومن الذين تولوا مناصب عالية في الدولة الإسرائيلية، بالإضافة إلى مجموعة من الأكاديميين الإسرائيليين، وهو ما جعله يتبوأ مكانة مرموقة بين المؤسسات البحثية. يُصدر المعهد عدداً من المنشورات، أهمها "مباط عال" و"عدكان استراتيجي"، بالإضافة إلى الكتب والندوات المتخصصة التي تُنشر باللغتين العبرية والإنكليزية.

– مباط عال
المؤلف

إن كل من حضر المؤتمر الذي عقده معهد دراسات الأمن القومي في 29-30 أيار/مايو شعر إلى أي حد بتنا قريبين من نقطة الحسم بشأن المشكلة النووية الإيرانية. فلم يترك كلام كل من رئيس الحكومة ووزير الدفاع والوزير يعالون مجالاً للشك في أن الوقت بدأ ينفذ بسرعة كبيرة. ومن خلال كلامهم تعرفنا بوضوح إلى الاعتبارات الأساسية المطروحة في هذا الشأن كما تراها الحكومة الإسرائيلية اليوم، والتي يمكن تلخيصها كالتالي:

أ‌-    إن جميع الجهود التي بُذلت في الأعوام الأخيرة، وبصورة خاصة في العام الأخير، من أجل ثني إيران عن مواصلة تطوير قدراتها النووية لم تثمر. وعلى الرغم من ترحيب إسرائيل بتوسيع العقوبات على إيران في الأسابيع المقبلة، فإنها لا تعلق الآمال على أن هذه العقوبات ستدفع إيران إلى وقف مشروعها النووي، ولا سيما بعد أن اتضح أن تطوير القدرة النووية هو بالنسبة إلى إيران مصلحة وطنية عليا، وأن نظام آيات الله مستعد لأن يدفع من أجل تحقيق هذا الهدف ثمناً غالياً.

ب - إن الاجتماعات التي عُقدت في الأسابيع الأخيرة مع إيران في إسطنبول وبغداد، والتي ستُعقد لاحقاً في موسكو، لا تحمل أملاً حقيقياً بتغيير صورة الوضع. إذ تفترض إيران أن المجتمع الدولي، الذي يشمل الصين وروسيا، لن يتخذ قرارات بعيدة المدى ضدها. كما تفترض أن جدول أعمال الرئيس أوباما، واقتراب موعد الانتخابات الرئاسية الأميركية، سيشغلانه كثيراً وسيمنعانه من حسم المشكلة النووية الإيرانية.

ج- تشعر إسرائيل بخيبة أمل كبيرة إزاء الطريقة التي تصرفت بها إدارة أوباما في الاجتماعات مع إيران. والأكيد أن إسرائيل ترى أن هناك ثغرة كبيرة بين الكلام المتشدد لهذه الإدارة عن المشكلة مع إيران، وبين ترجمة هذا الكلام إلى مواقف صلبة في أثناء الحوار الدائر معها. ولقد أوضح رئيس الحكومة الإسرائيلية علناً أن سقف المطالب التي قُدمت إلى إيران في المفاوضات الأخيرة لا يرضي إسرائيل.

د- إن الزمن الذي يمر يضع إسرائيل في مواجهة مخاطر كبيرة تتعلق بقدرتها على القيام بعمل عسكري ضد تحول إيران إلى دولة نووية. فقد شدد وزير الدفاع إيهود باراك وآخرون على الخطر الكامن في أن تتمكن إيران خلال وقت قصير من تحقيق ما يسمى "منطقة حصانة نووية"، الأمر الذي سيصعّب، لا بل سيمنع إسرائيل من مهاجمة المنشآت النووية الإيرانية. بالإضافة إلى ذلك، ثمة احتمال لأن تدفع الضغوط الكبيرة بإيران إلى إبداء شيء من المرونة التكتيكية في مواقفها، بحيث تصبح هذه المواقف مقبولة من جانب الدول الخمس زائد ألمانيا، الأمر الذي قد يؤدي إلى توقيع اتفاق معها. ومن شبه المؤكد أن هذا الاتفاق سيترافق مع نصوص تخدم الحملة الانتخابية للرئيس أوباما، وتقلص بصورة كبيرة هامش الشرعية الذي لدى إسرائيل للقيام بعمل ضد إيران.

·       في الخلاصة، وفي ضوء  الحوار الذي جرى بين الدول الخمس زائد ألمانيا مع إيران في الأسابيع الأخيرة، فإن نقاط عدم الاتفاق بين إسرائيل والولايات المتحدة تتركز في مشكلتين أساسيتين، هما:

-         أولاً: من الواضح أن الجدول الزمني الإسرائيلي تجاه إيران يختلف بصورة كبيرة عن الجدول الزمني للولايات المتحدة. ففي الوقت الذي تشعر فيه إسرائيل بأن الزمن المتاح لها قصير جداً، تبدو الولايات المتحدة غير مستعجلة وتملك وقتاً أطول.

-         ثانياً: إن المطالب التي تريدها إسرائيل من إيران أكثر بكثير من تلك التي تطالب بها الولايات المتحدة، على الأقل في الفترة الحالية.

·       في ظل الأوضاع الراهنة يبدو من الصعب على دولة إسرائيل أن تستجيب لطلب الولايات المتحدة، وأن تثق بإصرارها على منع إيران من التحول إلى دولة نووية، وبالتالي أن تمتنع من القيام بعمل عسكري منفرد ضد إيران.

والراهن اليوم أنه في حال تشددت الولايات المتحدة في مواقفها خلال المحادثات مع إيران وأرفقت ذلك بخطوات عملية ضدها، فإنه سيكون في إمكانها إقناع حكومة نتنياهو بالاستجابة لمطالب الإدارة الأميركية في الموضوع الإيراني.