ما هي الحدود القابلة للدفاع عنها
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

·       قال رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو أن "حدود 1967 ليست حدوداً قابلة للدفاع عنها" مشدداً على أن موقفه من هذه القضية يستند إلى اعتبارات أمنية فقط، لكن هذا الموقف ليس موقفاً أمنياً وإنما موقف سياسي. إن كل من يدّعي بأن الجيش الإسرائيلي غير قادر على الدفاع عن دولة إسرائيل انطلاقاً من الخط الأخضر ضد مؤامرات الدولة الفلسطينية المنزوعة السلاح إنما يقول أنه لا يريد التوصل إلى تسوية. فإذا كان صحيحاً استحالة الدفاع عن حدود 1967 فأين يجب أن يمر خط الحدود "القابلة للدفاع عنها" بين إسرائيل والدولة الفلسطينية؟ هل يمر بخط معاليه لبونه؟ أم بأريئيل؟ أم بضواحي نابلس؟

·       لقد أوضح رئيس الحكومة استعداده لتقديم تنازلات مؤلمة، لكنه شدد على أن كتل المستوطنات ستبقى تابعة للسيادة الإسرائيلية في أي تسوية مستقبلية، الأمر الذي يجعل كلامه بشأن عدم القدرة على الدفاع عن خطوط 1967 عرضة للتساؤل. فهل سيسهل ذلك من الدفاع عن كتلة المستوطنات في أريئيل وعن الطريق المؤدية إليها؟ من الواضح أن مهمة الدفاع عن هذه الكتلة من المستوطنات من الناحية العسكرية أعقد كثيراً من الدفاع عن دولة إسرائيل ضمن الخط الأخضر. ولا بد من أن نتنياهو يعرف أن كتلة مستوطنات أريئيل لا تساهم في شيء على الصعيد الأمني، وإنما على العكس فهي تشكل مشكلة أمنية صعبة.

·       بيد أن السؤال الذي يجب طرحه على رئيس الحكومة هو ما هي المخاطر التي قصدها عندما قال أن خطوط 67 غير قابلة للدفاع عنها؟ فإذا افترضنا أن الشرط الأساسي لأي تسوية هو قيام دولة فلسطينية منزوعة السلاح، فمن غير الواضح ما هي المشكلات التي لا يستطيع الجيش الإسرائيلي مواجهتها عبر انتشاره على طول هذه الخطوط. إن المخاطر الحقيقية التي يجب الاستعداد لمواجهتها بعد انسحاب إسرائيل إلى حدود 67 هي خطر الإرهابيين الانتحاريين الذين قد ينتقلون من أراضي الدولة الفلسطينية إلى المدن الإسرائيلية. ومن أجل هذا الغرض تحديداً أُنشىء جدار الفصل الذي أثبت نجاعته وفق ضباط كبار، كما أن استكمال بناء الجدار على طول الخط الأخضر ستقلص إلى حد كبير خطر الإرهابيين الانتحاريين.

·       عندما يقول رئيس الحكومة أن خطوط 67 غير قابلة للدفاع عنها فإنه يعيد النقاش أربعة عقود إلى الوراء. ففي أعقاب حرب الأيام الستة طُرح موضوع تغيير خط الحدود للنقاش على حكومة إشكول. وكان الافتراض يومذاك أنه من الممكن التوصل إلى اتفاق وشيك مع الفلسطينيين (الذين كان يُفترض إقامة كيان ذاتي لهم في أراضي الضفة الغربية وفقاً لمشروع آلون)، لذا كان ينبغي اتخاذ قرار إما بالعودة إلى الخط الأخضر أو تحديد خط جديد للحدود. وبعد نقاشات وجدالات طويلة تبين بأن ليس هناك جدوى أمنية من تغيير الخط الأخضر.

·       لقد قال يغآل ألون، أهم شخصية أمنية في الحكومة الإسرائيلية آنذاك: "لا أجد أهمية من الناحية الاستراتيجية لإجراء تغييرات على الخط الغربي للحدود، ففي رأيي لا أهمية استراتيجية لمثل هذه التغييرات". ولقد تبنى رئيس الحكومة ليفي أشكول هذا الموقف.

·       إن الفارق بين الأمس واليوم هو أن أشكول أراد فعلاً التوصل إلى تسوية مع الفلسطينيين (وقد فشل في ذلك بسبب رفض الفلسطينيين لها)، بينما نتنياهو يستخدم شعار "حدود 1967 غير قابلة للدفاع عنها" لأنه لا يريد التوقيع على اتفاق مع محمود عباس.