المواجهات على طول الحدود الإسرائيلية: حقائق جديدة وتحد جديد
المصدر
مركز بيغن-السادات للدراسات الاستراتيجية

تأسس في سنة 1993 على يد الدكتور توماس هيكت، وهو من زعماء اليهود في كندا، وكان تابعاً لجامعة بار إيلان، وأُطلق عليه هذا الاسم تخليداً لذكرى اتفاق السلام الإسرائيلي -المصري الذي وقّعه مناحيم بيغن وأنور السادات. يعالج مسائل النزاع الإسرائيلي- الفلسطيني والصراعات في المنطقة والعالم. يميل نحو وجهة نظر اليمين في إسرائيل. كما أصدر المركز مئات الدراسات والكتب باللغتين العبرية والإنكليزية.

·       لم تكن المواجهات العنيفة التي شهدتها الحدود الإسرائيلية يوم الأحد الماضي لتقع لولا تضافر عدد من الأسباب السياسية والإقليمية.

·       السبب الأول للمواجهات هو تصاعد الإحساس أن "الشعب قادر على التغيير" والإيمان بقدرة الجماهير العزّل على التغلب على الحكام الديكتاتوريين. ويبدو أن "الصدور العارية" للمحتجين هي السلاح الجديد غير التقليدي لجمهور الشباب اليائس والعاطل عن العمل، والذي لا يقدر النظام على مواجهته. ولقد استخدم التونسيون والمصريون واليمنيون والسوريون هذا السلاح ضد حكامهم، وحالياً يستخدمه الفلسطينيون ضد إسرائيل.

·       أما السبب الثاني فيكمن في بروز قدرة الفيسبوك والتويتر على الالتفاف على قمع النظام وعلى تنظيم حركات الاحتجاج وتعبئة الجماهير. ولعبت وسائل الاتصال الاجتماعي دوراً مهماً في أحداث يوم السبت الماضي.

·       وبرز التطور الثالث في مشاركة النظامين السوري واللبناني في الأحداث، إذ لم يكن ممكناً أن تصل الحافلات التي أقلت الجماهير الفلسطينية الغاضبة إلى الحدود الإسرائيلية من دون علم الحكومتين وموافقتهما ورغبتهما في تحويل الأنظار عن مشكلاتهما الداخلية في اتجاه إسرائيل.

·       العامل الرابع هو الصلة الإيرانية بسورية ولبنان وغزة، فهذه الساحات الثلاث واقعة تحت تأثير آيات الله، وليس هناك من تاريخ أفضل يمكن استخدامه من أجل تحميل إسرائيل مغبة ما يحدث في الشرق الأوسط من تاريخ النكبة 15 أيار/مايو.

·       لكن علينا ألا نهمل العامل الإسرائيلي الذي له أهمية كبيرة بالنسبة إلى العرب الذين اعتقدوا طوال الأعوام الماضية أن إسرائيل لا تتنازل إلا تحت الضغط الخارجي. فحزب الليكود الذي كان تاريخياً من معارضي قيام دولة فلسطينية بات اليوم مستعداً للموافقة على نشوئها. كما أن القدس الموحدة التي كانت موضع إجماع إسرائيلي طوال أعوام عديدة أصبحت اليوم موضع انقسام، وحتى حق "عودة" اللاجئين الفلسطينيين الذي كان رفضه محل إجماع بين مختلف الأطياف الإسرائيلية هو اليوم قيد إعادة النظر من جانب بعض سياسيي اليسار الإسرائيلي.

·       لدى مشاهدة أعداء إسرائيل التنازلات التي قدمتها في أمور أساسية تحت الضغط الخارجي، أصبحوا يدركون أن لا مغزى حقيقياً "لخطوطها الحمر"، ويعتقدون أن تزايد الضغوط عليها سيدفعها إلى تقديم المزيد من التنازلات، وأن الضغوط القوية من جانب اللاجئين الفلسطنيين من شأنها أن تنهك الإسرائيليين وتدفعهم إلى تقديم تنازلات في هذا الموضوع أيضاً.

·       وعلى الرغم من حرب لبنان الثانية سنة 2006، وعملية الرصاص المسبوك ضد غزة سنة 2008، فإن صورة إسرائيل اليوم هي صورة الدولة الضعيفة الجبانة التي يمكن النيل منها من خلال تقرير غولدستون مثلاً. وتعتقد الدول المجاورة لإسرائيل أن المجتمع الإسرائيلي ـ لا سيما النخبة الإسرائيلية - هي نخبة مسالمة مستعدة لأن تتنازل عن كل شيء مقابل عودة الهدوء إلى حياتها المرفهة وأنها فقدت رغبتها في القتال.

·       الأحداث التي شهدناها يوم السبت هي بداية مسار وسط دينامية تصاعدية يمر بها الشرق الأوسط. لذا، على إسرائيل أن تدرس خطواتها جيداً من أجل مواجهة الواقع الجديد، وأن تكون حازمة على الصعيد الديبلوماسي وصارمة على الصعيد العسكري، كما أنها يجب في الوقت نفسه أن تمارس ضبط النفس لأن تصاعد عمليات القتل سيزيد من تعقيد الوضع.