كل قرار يتخذه مرسي يفسر بأنه نضال من أجل فرض أجندة إسلامية متطرفة
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف

·       فُسرت القرارات المهمة التي أعلنها الرئيس المصري محمد مرسي أمس في مصر بأنها تتمة ضرورية للثورة المدنية. فقرار إبعاد الجيش عن السياسة، وتحديد دور المجلس الأعلى للقوات المسلحة بأنه دور استشاري وليس دوراً تقريرياً، وإعطاء مضمون حقيقي لمنصب رئيس الجمهورية بصفته القائد الأعلى للقوات المسلحة، كلها أمور شكلت جزءاً من المطالب التي رفعتها الحركة الاحتجاجية في مصر خلال العام ونصف العام الأخيرين.

·       لكن المفارقة هي أن محاربة الإرهاب في سيناء شكلت بالنسبة إلى مرسي فرصة نادرة كانت تنتظرها مصر لإقامة حكم مدني منذ انقلاب الضباط الأحرار في سنة 1952، بيد أن المشكلة الأساسية تكمن في أن على رأس الدولة المصرية الآن ممثل للإخوان المسلمين، وكل خطوة يتخذها تفسر بأنها محاولة لفرض الأجندة الإسلامية المتطرفة على الدولة، وليس باعتبارها مسعى لإقامة الدولة المدنية حيث يكون الجيش خاضعاً لسلطة الحكومة. وهذا هو الخوف، أو بالأحرى الخطر، الذي تشعر به إسرائيل والولايات المتحدة بصورة خاصة.

·       بعد انتخاب مرسي، كان الافتراض السائد لدى كل من إسرائيل والولايات المتحدة، أنه مثلما ظل الجيش في تركيا هو حلقة الاتصال مع الجهات الاستخباراتية والجيوش الأجنبية، والذي كانت إسرائيل تعتبره الأساس لاستمرار التعاون مع تركيا، فإن الجيش المصري سيكون كذلك. ولقد اعتقدت الإدارة الأميركية، ومعها إسرائيل، أنه ما دام طنطاوي هو الذي يدير شؤون الدولة، فإن اتفاق السلام مع مصر والتعاون معها لن يتضررا.

·       لكن يجب التذكير هنا بأن طنطاوي هو الذي عارض لفترة طويلة أي تدخل أو مساعدة أميركية لمحاربة الإرهاب في سيناء، وهو الذي رفض ربط آلات الاستشعار المتطورة التي قدمتها الولايات المتحدة من أجل رصد الأنفاق على طول الحدود مع غزة بالأقمار الاصطناعية الأميركية بحجة أن هذا الأمر يمس بالسيادة المصرية. كذلك لم يسارع طنطاوي إلى الرد على المكالمة التي وردته من إسرائيل عندما هاجم المتظاهرون السفير الإسرائيلي.

·       لا يمكن اعتبار وزير الدفاع المصري الجديد عبد الفتاح السيسي، الذي كان حتى تعيينه رئيساً للاستخبارات العسكرية، مقرباً من إسرائيل أو مؤيداً للأميركيين، فكثيرون في مصر يعتبرونه "رجل الإخوان المسلمين في الجيش." لكن عملية التغيير التي قام بها مرسي لا تهدف فقط إلى تغيير أشخاص، بل أيضاً إلى تغيير بنية السلطة، بحيث يصبح رئيسا الجمهورية والحكومة مسؤولين عن السياستين الأمنية والخارجية. إذ يبدو أن مرسي لا يريد التنازل عن النفوذ والصلاحيات التي كان يملكها مبارك، ولا يريد أيضاً تقاسمها مع الجيش.

·       من وجهة نظر إسرائيل، ما جرى لن يحدث فرقاً كبيراً. فخلال العام ونصف العام الماضيين أُخذت في الاعتبار، خلال الحوار مع الجيش المصري، الأوضاع السياسية المفروضة على هذا الجيش في ظل القيادة المدنية للإخوان المسلمين. ونظراً إلى أنه، حتى وقوع الهجوم في سيناء، لم تكن هناك حاجة إلى اتخاذ قرارات سياسية حاسمة، فقد كان في الإمكان مواصلة الحوار بصورة حذرة وسرية. لكن عندما برزت الحاجة إلى اتخاذ قرارت سياسية من شأنها خرق اتفاق كامب ديفيد وإدخال سلاح الجو المصري إلى سيناء، كان مرسي هو مَن اتخذ هذه القرارت المصيرية.

·       تواجه الإدارة الأميركية اليوم أيضاً تحدياً جديداً بعد خسارتها تعتبره الذراع العسكرية – السياسية المتمثلة في الجيش المصري. والتخوف الأساسي كان وسيبقى من احتمال استئناف العلاقات الدبلوماسية بين مصر وإيران، ومن بناء تحالف استراتيجي يمكنه أن يتغلب على التحالف الأميركي - العربي ضد الجمهورية الإسلامية الشيعية.

·       حتى الآن، ما يبعد مرسي عن المحور الإيراني هو التبعية الاقتصادية لمصر تجاه السعودية، وبنية التسليح الأميركية للجيش المصري، والاعتراف بالدور الذي تؤديه إيران في المذبحة التي تشهدها سورية.