· يعتبر اتفاق المصالحة الفلسطينية بين "حماس" والسلطة الفلسطينية في حال تنفيذه تطوراً سلبياً للغاية في تاريخ النزاع الإسرائيلي - الفلسطيني، وهو يضع علامات استفهام كبرى على إمكان التوصل في وقت ما إلى تسوية سلمية بين الشعبين. وحتى في حال قبول حركة "حماس" شروط الرباعية الدولية فإن ذلك لن يغيّر جوهرها الحقيقي باعتبارها حركة "إرهابية" إجرامية.
· ويمكن القول منذ الآن إنه إذا ما وصلت حركة "حماس" إلى مواقع نفوذ في السلطة الفلسطينية فإن ذلك سيؤدي حتماً إلى تفاقم التطرف والتوتر والكراهية، وفي المقابل فإن إسرائيل ستشدد وسائل الردع والكبح، وسيتسبب ذلك بانهيار الاقتصاد الفلسطيني، وستزداد احتمالات استئناف العمليات "الإرهابية". وعلى المسار السياسي ستواجه إسرائيل، في حال استئنافه أصلاً، مطالب فلسطينية غير مقبولة مطلقاً، وستغدو أي تسوية سياسية مستحيلة.
· ولا بد من الإشارة إلى أن إسرائيل "ساعدت" في التوصل إلى اتفاق المصالحة هذا لأنها تجنبت إجراء مفاوضات جوهرية مع السلطة الفلسطينية في الوقت الذي كانت فيه حركة "حماس" ضعيفة للغاية. ولو أن إسرائيل أخذت زمام المبادرة في هذا المجال لكان عزّز ذلك قوة السلطة الفلسطينية والجمهور الفلسطيني المعتدل وفاقم عزلة حركة "حماس".
· ومن ناحية [رئيس السلطة الفلسطينية] محمود عباس فإنه يدرك أن اشتراك "حماس" في حكومته سيمنع أي عملية سياسية مع إسرائيل، لكن مثل هذه العملية غير قائمة أصلاً، لذا فإنه لن يخسر شيئاً، في حين أن اتفاق المصالحة سيؤدي في حال نجاحه إلى تعزيز شعبيته وصدقيته لدى الشارع الفلسطيني، وبناء على ذلك فإنه أقدم على "التضحية" بإمكانات استئناف المفاوضات السياسية [مع إسرائيل].
· وفي واقع الأمر، لا تملك إسرائيل أي رد على اتفاق المصالحة، إذ لديها مصلحة في عدم وقف علاقات التعاون بينها وبين السلطة الفلسطينية ولا سيما في مجال التنسيق الأمني، وفي استمرار العلاقات الاقتصادية. من ناحية أخرى، يمكن الافتراض أن الأسرة الدولية ستسلم سريعاً بمسألة انضمام "حماس" إلى السلطة الفلسطينية، وفي حال رفض إسرائيل هذا الأمر فإنه سيجرّ عليها مزيداً من الغضب والضغوط.
· في ضوء ذلك كله لا يبقى أمامنا سوى أن نعرب عن الأسف جرّاء تفويت الحكومة الإسرائيلية فرصة استئناف المفاوضات، وأن نبتهل إلى الله كي لا تتكلل المصالحة بالنجاح كما حدث في السابق.