الثورة الحريدية الصامتة: نشوء حركة حريدية جديدة تدعو إلى الانخراط في الجيش وسوق العمل
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف

 

·       في هذه الأيام التي يشتد فيها الجدل بشأن توصيات لجنة بلسنر [المكلفة تعديل "قانون طال"]، يشهد الشارع الحريدي ثورة داخلية من أجل الدفاع عن هويته. وتدور المواجهة بين الجناح الحريدي المحافظ التقليدي المؤيد للحفاظ على الوضع القائم والمعارض للتحديث حتى في الحدود المسموح بها، وبين جناح آخر يؤيد الاندماج في كل أطر الحياة في إسرائيل، والذي استطاع حتى الآن تحقيق بضعة إنجازات تحولت إلى رموز، مثل إنشاء كتيبة الناحل الحريدي، والحرم الجامعي الحريدي في القرية الأكاديمية في جامعة كريات- أونو، وستة يشيفوت [مدراس دينية]  للتعليم الثانوي.

·       يحاول الشباب الحريدي اليوم تحرير إرادتهم المكبوتة وترجمتها إلى قوة سياسية عبر تأليف حركة "طوف" [جيد] الحريدية، التي تحمل شعار توراة وعمل، وتعليم وخدمة عسكرية، والتي بدأ جمهورها يزداد عدداً وقوة.

·       بالنسبة إلى ممثلي الجمهور الحريدي التقليدي من أمثال موشيه غفني ويعقوب ليتسمان [حزب يهودت هتوراه]، فإن ما يجري وسط الجمهور الحريدي، يعكس صراعاً أهم بكثير من الجدل بشأن تجنيد الحريديم، لأنه يطرح بديلاً من كتلة "يهودت هتواره"، ومن شأنه أن يسحب البساط من تحت رجليها، ويكرس زعامة شرعية أخرى للجمهور الحريدي.

·       يقول زعماء حركة "طوف"، العدو الأكبر لحزب "يهودت هتوراه"، في مجالسهم المغلقة إن الحركة سترشح في الانتخابات البلدية المقبلة ممثلين لها لرئاسة بلدية القدس ولعضوية المجلس البلدي في بلدية ألعاد وفي بلديات حريدية أخرى. فقد ازدادت شهية الحركة بعد أن استطاعت الوصول بصورة مفاجئة إلى بلدية بيت شيمش وبلدية بيتار- العليا.

·       وينظر ممثلو المؤسسة الحريدية التقليدية إلى الحريديم الجدد على أنهم يشكلون تهديداً حقيقياً لهم، ليس فقط على صعيد خسارة الأصوات الانتخابية بل أيضاً بسبب الشعبية التي يتمتع بها هؤلاء وسط قطاع الشباب الحريدي، وذلك  ظهور أصوات داخل المجتمع الحريدي في القرن الحادي والعشرين مزيد من الأصوات التي تدعو إلى التغيير، وإلى إعادة درس عميقة للأولويات في مواجهة العالم الخارجي الآخذ بالتغير بوتيرة كبيرة.

·       لقد بدأت تتكرس داخل المجتمع الحريدي قناعة بأن ليس هناك طريقة واحدة للعيش، وإنما هناك عدد من الطرق الشرعية. ومعنى هذا أن في إمكان الأولاد الدراسة في مدرسة دينية ثانوية حريدية يستطيعون من خلالها الحصول على التعليم المطلوب من أجل تقديم شهادة البغروت [الثانوية العامة]، ومن هناك يمكنهم أن يختاروا ما يريدون، حتى لو اختاروا الخدمة الإلزامية في الجيش.

·       من ناحية أخرى، تسعى القوى الحريدية الجديدة لتعزيز موقع الشباب الحريدي الراغب في الخروج إلى سوق العمل، وفي تقديرها أن هؤلاء سيزداد عددهم ويتسع خلال العقد المقبل، وأن الاستقبال الحار من جانب الجمهور العلماني لهم، لن يساهم فقط في الازدهار، بل سيغير صورة المجتمع الحريدي.

·       إن التغيير الذي يمر به المجتمع الحريدي حالياً هو تغيير عميق وأساسي، فلأول مرة هناك مجموعة من الشباب الحريدي التي تقول أنها تريد مواصلة تعلم التوراة وإقامة الفرائض، لكنها تريد في المقابل أن تتخذ قراراتها بصورة مستقلة وفردية وبما يتلاءم مع نمط الحياة، وأن خيار الخدمة الإلزامية ليس خياراً مفروضاً عليها وإنما هو أمر صحيح منذ البداية، وأنه يجب إعطاؤهم حق حرية الاختيار.