· يمكن أن ننظر إلى الأزمة التي تجتاح سورية في الوقت الحالي وإلى انعكاساتها على إسرائيل من خلال ستة سياقات: أولاً، أن تؤدي هذه الأزمة إلى إضعاف المحور الإيراني في الشرق الأوسط، وفي حال تحقق ذلك فإنه سيعتبر ربحاً صافياً لإسرائيل.
· ثانياً، من المعروف أن سورية تعتبر أكبر مؤيد لحزب الله في لبنان ولحركة "حماس" في قطاع غزة، ولا شك في أن إضعاف سلطة الرئيس بشار الأسد أو سقوطها سيؤثران في هذين التنظيمين كثيراً، وربما سينطوي ذلك على تعويض معيّن لإسرائيل في إثر تغير توجهات السلطة في مصر عقب سقوط سلطة الرئيس السابق حسني مبارك.
· ثالثاً، لا بد من القول إن المعارضة في سورية ليست معارضة مدنية متبلورة يمكنها أن تقيم سلطة بديلة من سلطة الأسد، ولا تزال حركة "الإخوان المسلمين" هي القوة الأكثر تنظيماً في هذا البلد على الرغم من الضربة القاسية التي تعرضت لها في ثمانينيات القرن الفائت. وحتى الآن لا تبدو كل هذه الأمور واضحة بما فيه الكفاية.
· رابعاً، من المؤكد أن استمرار الأزمة سيضعف سورية، لكن يمكن أن يتسبب أيضاً بأزمة إقليمية. وما زلنا نذكر أن العامل الرئيسي الذي أدى إلى أزمة أيار/ مايو 1967 والتي أسفرت عن اندلاع حرب الأيام الستة [حزيران/ يونيو 1967] كان عدم استقرار سورية واستعداد زعمائها في ذلك الوقت لاتخاذ خطوات بعيدة المدى إزاء إسرائيل كي يحافظوا على بقاء سلطتهم. لذا، من الممكن أن يقرر الأسد وحلفاؤه في طهران افتعال أزمة في لبنان أو في غزة من أجل تحسين الأوضاع الداخلية في سورية.
· خامساً، سيكون من الصعب على الولايات المتحدة تفسير عدم تدخلها في سورية في حال استمرار أعمال القتل. وبناء على ذلك، تفضل واشنطن على ما يبدو أن يعمد الأسد إلى تهدئة الوضع عن طريق تنفيذ إصلاحات وتقديم تنازلات، الأمر الذي يعارضه جزء من كبار المسؤولين في السلطة السورية.
· سادساً، لا يزال الموقف السائد في إسرائيل هو عدم تقديم تنازلات لزعماء عرب تبدو مكانتهم غير مستقرة. ومع أن الوقت الحالي غير ملائم مطلقاً لاستئناف المفاوضات مع الأسد، إلاّ إنه يبدو ملائماً لتجديد قناة الاتصالات معه وذلك في ضوء احتمال تعرّض سلطته لحمام دموي من طرف الأغلبية السنية، ولا شك في أن إسرائيل لديها ما تقترحه عليه في هذا الشأن.