"القبة الحديدية": الإنجاز وثمنه
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف

·       ستشكل عمليات الاعتراض الناجحة لصواريخ "غراد" التي أُطلقت من قطاع غزة في الأيام الأخيرة مرحلة تأسيسية في منظومة "القبة الحديدية" وفي تطور العقيدة العسكرية في إسرائيل. فهذه أول مرة تنجح فيها منظومة الدفاع الجوية الإسرائيلية في مواجهة خطر الصورايخ [قصيرة المدى]. ولم يكن تحقيق هذه العقيدة الدفاعية الفعالة أمراً سهلاً بالنسبة إلى الجيش الإسرائيلي، إذ استغرق أعواماً طويلة من النقاشات داخل هيئة الأركان بشأن مدى الحاجة إلى هذه المنظومة، وذلك في ظل تحفظات عدد من كبار المسؤولين في الجيش وفي سلاح الجو الذين رأوا أن هذه المنظومة خارجة عن المألوف ولا تتلاءم مع الخطر الهجومي. دفعت حرب لبنان الثانية ونتائجها المؤسفة وزير الدفاع آنذاك عمير بيرتس إلى طلب البحث في تطوير حلول تكنولوجية تشكل رداً على الصورايخ قصيرة المدى. وقد ساهم وزير الدفاع إيهود باراك فيما بعد في بلورة "مشروع متعدد الطبقات" للدفاع الجوي الفعال (صاروخ "حيتس" ضد الصواريخ بعيدة المدى، ومنظومة "الصولجان السحري" ضد الصواريخ متوسطة المدى، و"القبة الحديدية" ضد الصورايخ قصيرة المدى).

·       إن الإنجاز الذي حققته المنظومة الجديدة [ القبة الحديدية] مهم لعدة أسباب: أولاً، هو يعبر عن قدرة تكنولوجية إسرائيلية من الطراز الأول. فقد أثبت الجيش الإسرائيلي مرة أخرى أنه قادر على استيعاب منظومات سلاح جديدة وجعلها عملانية، كما أن التنسيق بين المطورين لمنظومات السلاح وبين المستخدمين له أمر مهم للغاية وسيشجع على بيع هذه المنطومات من السلاح إلى دول أخرى.

·       ثانياً، إن نجاح المنظومة الجديدة يمنح إسرائيل وقادتها بعداً نوعياً جديداً في الرد على تهديدات "حماس" وحزب الله. صحيح أن المنظومة الجديدة لا تشكل رداً على كل السيناريوهات، لكنها تدل على إمكانات جديدة وحيوية لا مثيل لها وستضاف من الآن وصاعداً إلى الترسانة الإسرائيلية في مواجهة كل تهديد. منذ أعوام ونحن ندعو إلى إضافة قدرة دفاعية على القدرات الهجومية الإسرائيلية تتلاءم مع التهديدات الحالية، واليوم تحققت هذه الرؤيا.

·       ثالثاً، إن للدفاع الفعال بصورة عامة ولـ "القبة الحديدية" بصورة خاصة أهمية نفسية كبيرة بالنسبة إلى السكان المدنيين المعرضين لخطر الصواريخ. وسيخلق النجاح المتتالي شعوراً لدى الجمهور بالأمان والحصانة والقدرة على مواجهة الصعوبات.

·       لكن في مقابل هذه الانجازات المهمة هناك ثمن مرتفع. إذ توجد حالياً في جنوب إسرائيل بطاريتان من الصورايخ الاعتراضية "القبة الحديدية". ومن أجل تأمين المظلة الضرورية لحماية التجمعات السكانية والبنى التحتية الوطنية والعسكرية الحيوية، نحن بحاجة إلى أكثر من 18 بطارية. إن تكلفة الحصول على هذه البطاريات وتشغيلها باهظة للغاية، ومن المفترض أن يأتي جزء من المبلغ وهو 205 ملايين دولار، من الولايات المتحدة الأميركية، وذلك استناداً إلى اتفاقات مع الإدارة الأميركية. لكن هذا المبلغ أقل من المطلوب، وإذا لم تُخصص أموال لتمويل شراء هذه البطاريات من موازنة الدفاع نفسها، لن يكون في الإمكان نشر هذه البطاريات في الأمد القريب.

·       وهذه هي المشكلة. فكلما كبر النجاح كبرت المطالب، ولا سيما من جانب القيادة المدنية والمحلية. لقد تحولت "القبة الحديدية" إلى مشكلة سياسية، إذ ستجد الحكومة الإسرائيلية صعوبة في مواجهة الضغوط، وستضطر إلى توسيع الاستثمار في هذه المنظومة، وسيأتي ذلك بصورة بطيئة جداً ومتأخرة للغاية. لقد كان أجدى بالحكومة أن تفعل ذلك بزخم أكبر وبوقت أسرع.