انتخاب حسن روحاني رئيساً لإيران: تقدير أوليّ
المصدر
معهد دراسات الأمن القومي

معهد أبحاث إسرائيلي تابع لجامعة تل أبيب. متخصص في الشؤون الاستراتيجية، والنزاع الإسرائيلي -الفلسطيني، والصراعات في منطقة الشرق الأوسط، وكذلك لديه فرع خاص يهتم بالحرب السيبرانية. تأسس كردة فعل على حرب تشرين الأول/أكتوبر 1973، بقرار من جامعة تل أبيب؛  وبمرور الأعوام، تحول إلى مركز أبحاث مستقل استقطب مجموعة كبيرة من الباحثين من كبار المسؤولين الأمنيين، ومن الذين تولوا مناصب عالية في الدولة الإسرائيلية، بالإضافة إلى مجموعة من الأكاديميين الإسرائيليين، وهو ما جعله يتبوأ مكانة مرموقة بين المؤسسات البحثية. يُصدر المعهد عدداً من المنشورات، أهمها "مباط عال" و"عدكان استراتيجي"، بالإضافة إلى الكتب والندوات المتخصصة التي تُنشر باللغتين العبرية والإنكليزية.

– مباط عال
المؤلف

·       إن المفاجأة التي أحدثها انتخاب حسن روحاني رئيساً لإيران لا تكمن في الانتخاب بحد ذاته بقدر ما تكمن في النسبة العالية التي حصل عليها روحاني ومكنته من الفوز من الدورة الأولى. فقد حصل على نسبة 50,6% من الأصوات، في حين حصل كل من المرشَحين الآخرين على أقل من 17%.

·       لا يعتبر روحاني - رجل الدين الوحيد بين المرشحين والدكتور في القانون -من بين زعماء المعسكر الإصلاحي الذي برز في أعقاب الانتخابات الرئاسية السابقة سنة 2009. لكنه يعتبر أقرب المرشحين إلى هذا المعسكر وأمله الأساسي. ومن المحتمل جداً أن يكون انتخب بأصوات ثلاث مجموعات: أنصار المعسكر الاصلاحي؛ أبناء الأقليات التي توجّه إليها روحاني خلال معركته الانتخابية؛ الأشخاص الذين رأوا فيه الشخص القادر على تخفيف العقوبات المفروضة على إيران، وتحسين الوضع الاقتصادي.

·       ويمكننا الافتراض أيضاً أن أنصار المرشد الأعلى لم يحاولوا هذه المرة تزوير نتائج الانتخابات مثلما جرى في انتخابات 2009، خوفاً من يؤدّي ذلك إلى اضطرابات.

·       ومن هذه الزاوية يبدو أن انتخاب روحاني يعكس الرغبة الحقيقية وسط الجمهور الإيراني بالتغيير، كما يعكس تأثير العقوبات في تدهور الوضع الاقتصادي.

·       وتدلّ حقيقة عدم استبعاد ترشيح روحاني مثلما جرى مع آخرين كثر وفي طليعتهم رفسنجاني، على أن خامنئي لا يرى أن روحاني يشكل تحدياً خطيراً له كرئيس للجمهورية. لكن على الرغم من ذلك، فإن تولي روحاني للرئاسة قد يحمل معه مشكلات صعبة بالنسبة للمرشد الأعلى والمقرّبين منه لعدة أسباب:

‌أ-   التوتر الذي نشأ في الماضي بين خامنئي وثلاثة رؤساء جمهورية سابقين: رفسنجاني، خاتمي، وأحمدي نجاد. وهذا التوتر يعود إلى تركيبة النظام حيث يعتبر المرشد الأعلى هو المسؤول عملياً طوال حياته عن الرئيس المنتخب في انتخابات عامة، وإلى الاحتكاكات التي تنشأ من جراء تقاسم الصلاحيات في ما بينهما.

‌ب-      إن انتخاب روحاني من شأنه أن يوقظ ويقوي المعسكر الاصلاحي الذي كان غارقاً في السبات ومقموعاً منذ صيف 2009. وفي حال حدوث ذلك، فإن انتخاب روحاني قد يتحول إلى نقطة تحول مهمة على طريق إعادة بلورة نهج الحكم.

‌ج-      إن القاعدة الشعبية الواسعة التي كانت في أساس انتخاب روحاني من شأنها أن تمنحه قوة في مواجهة خامنئي والمعسكر المحافظ.

·       إلى ذلك، من المحتمل أن يحاول خامنئي استغلال الصورة المعتدلة لروحاني من أجل محاولة رفع العقوبات عن إيران وتحسين موقعها الدولي، من دون أن يدفع الثمن مقابل ذلك في المجال النووي.

·       من الواضح للجميع، أن من يتخذ القرارات هو المرشد الأعلى. لكن على الرغم من ذلك، فإن الرئيس هو الشخصية الثانية من حيث أهميته ولا سيما على الصعيد الداخلي. فهو الذي يعيّن الوزراء، وهو المسؤول عن إدارة الحكومة وعن أدائها، وهو المكلف بوضع السياسة الاقتصادية وتطبيقها، لكن صلاحياته محدودة في مجال السياسة الخارجية وبصورة خاصة  في المسألة النووية، فالمرشد الأعلى هو الذي يقرر في هذا المجال.

·       لكن هذا لا يعني أن الرئيس لا يملك نفوذاً في ذلك، فهو رئيس المجلس الأعلى للأمن القومي، وهو الذي يمثل السياسة الخارجية الإيرانية تجاه الخارج. كما أن عمل روحاني سابقاً في الموضوعات الخارجية وفي المسألة النووية عندما كان رئيساً لطاقم المفاوضات النووية أيام الرئيس خاتمي، يمكن أن يؤدّي دوراً إيجابياً في تقويته.

·       يمكننا افتراض أن روحاني سيعطي أولوية كبيرة للمساعي الرامية إلى الدفع قدماً من أجل حل المشكلة النووية بغية تقليص العقوبات المفروضة على إيران. وقد تعهد علناً خلال حملته الانتخابية بأنه سيتبنى نهجاً معتدلاً وبأن يسعى إلى حل مشكلة العقوبات والعزلة التي تعانيها إيران على الساحة الدولية.

·       لذا، فهو سيحاول بلورة مقترحات جديدة للتوصل إلى تسوية مع الحكومات الغربية. ومن المحتمل أن يبادر إلى اتصال مباشر مع الإدارة الأميركية في هذا الشأن.

·       والسؤال الذي يطرح هنا: ما هو طول الحبل الذي سيمنحه إياه خامنئي، والمرجح أنه لن يكون طويلاً جداً. 

·       من هنا يمكن القول إن الاحتمال الأكثر ترجيحاً أن تكون إيران في الفترة المقبلة مستعدة ربما لتقديم تنازلات تكتيكية في المسألة النووية، لكن خامنئي لن يسمح بتازلات استراتيجية مهمة.

·       بالنسبة لإسرائيل، فإن انتخاب روحاني ينطوي على مخاطر وفرص. وتكمن الفرص في احتمالات التوصل إلى تسوية مقبولة من جانب الرأي العام في إسرائيل، وفي احتمالات بداية التغيير الداخلي في إيران. بيد أن هذه الاحتمالات تبدو ضئيلة حالياً.

·       ثمة احتمال آخر هو توقف روحاني عن الحديث عن ضرورة محو إسرائيل من الخريطة وإنكار المحرقة، مثلما فعل أحمدي نجاد. ففي حال حدوث ذلك، فإن إسرائيل ستخسر رصيداً إعلامياً، لأن تصريحات نجاد ساعدتها في إثبات الخطورة التي تنطوي عليها إيران نووية.

 

·       لكن الأهم من هذا كله، أن تؤدّي الصورة المعتدلة للرئيس الجديد إلى تخفيف الضغوطات على إيران، وزيادة الخلافات في الرأي بين حكومة الولايات المتحدة والحكومة الإسرائيلية بشأن المشكلة الإيرانية، أو التوصل إلى صفقة في المجال النووي لن تكون مقبولة من إسرائيل.