· وضع هجوم التحالف الغربي على ليبيا حداً للجنون الدموي للزعيم الليبي وأنصاره، وسينهار نظامه خلال بضعة أيام، مثلما تنهار أحجار الدومينو، وسيتخلى عنه كل الذين وقفوا إلى جانبه، ويبدأ الجيش الموالي للنظام بالتداعي. أمّا القذافي نفسه، فمن المنتظر أن ينهي حياته، في أفضل الأحوال، في المحكمة الدولية في لاهاي، وفي أسوئها أن ينتحر أو أن يُغتال، وتُطوى بذلك صفحة أخرى من صفحات تاريخ الطغاة. لكن يخطىء كل من يعتقد أن سقوط القذافي هو نهاية سقوط الطغاة في العالم العربي والإسلامي، إذ هناك حكام آخرون سيأتي دورهم، وبينهم الرئيس الإيراني. فالزمن هو العدو الأكبر للطغاة، والتاريخ لم يصفح عنهم أبداً، وهذه المرة أيضاً لن يسامح الحكام الذين يدمرون شعوبهم.
· إن الهجوم على ليبيا هو بداية مرحلة جديدة في الشرق الأوسط، وأول من دفع الثمن كان حسني مبارك، والآن جاء دور القذافي، وغداً الأسد، وهلم جراً. إن سقوط الأنظمة غير الصديقة للولايات المتحدة لا علاقة له بنشر الديمقراطية، فالولايات المتحدة والغرب يعملان بوحي من مصالحهما الاقتصادية والاستراتيجية.
· تشكل الأصولية الإسلامية في إيران عقبة وخطراً كبيراً على الولايات المتحدة والغرب. وقد يسارع البعض إلى القول إن النظام في السعودية هو أيضاً نظام أصولي، وهذا أمر صحيح، لكن ليس لدى السعودية مخطط مستقبلي مثل إيران. كما أن السعودية والبحرين كنموذجين للدول الدكتاتورية الإسلامية لا تتسببان بالضرر للولايات المتحدة أو لدول الغرب، بل على العكس، هما من الدول الحليفة التي تزود الغرب بالمادة الأهم في العالم، أي النفط. وما دام الهدوء يسود السعودية ودول الخليج الأخرى، فإن الغرب سيقبل الأنظمة الموجودة. لكن في حال جرى ما هو غير متوقع، وقام زعماء هذه الأنظمة بخرق التوازن القائم، فإن مصيرهم سيكون مثل مصير القذافي.
· تراقب طهران ما يجري في ليبيا، وهي تدرك أنه عاجلاً أم آجلاً، سيصل هذا التحالف الغربي إليها. وهناك احتمال كبير أن يكون موضوع إيران قد طُرح في التقديرات العسكرية والسياسية التي نوقشت في البيت الأبيض، وفي عواصم دول أوروبية أخرى. وكلما كانت الرسالة من ليبيا قاسية كلما كان من الصعب على زعماء طهران تجاهلها لوقت طويل. كذلك ستصل هذه الرسالة إلى سورية وحزب الله وحتى إلى "حماس". صحيح أنه من غير المنتظر أن تهاجم الدول الغربية حزب الله و"حماس"، لكن التنظيمين يدركان جيداً أنهما قد يخسران أهم دولة يعتمدان عليها، أي إيران.
· على الخط بين واشنطن وطهران، هناك نقطة لا يمكن تجاهلها وهي إسرائيل. إننا نواجه تطورات مهمة جداً في الشرق الأوسط، وثمة انطباع بأن الأحداث هي التي تجر إسرائيل وراءها، فتقوم بالرد عليها من دون أن تأخذ زمام المبادرة، في حين تغرق العجلة في الوحل السياسي. قبل أسبوع زعم وزير الدفاع أننا نواجه تسونامي سياسية وأن الحكومة الإسرائيلية لا تفعل شيئاً لمواجهته.
· لقد زعمتُ بعد خطاب باراك أوباما في القاهرة أن أوباما ليس بوش ولا كلينتون، وأن لديه مشروعاً دولياً جديداً، وفي حال فشلت إسرائيل في فهم ذلك ولم تستعد له جدياً ولم تبادر إلى طرح خطوات لبناء الثقة، فإننا سنصل إلى أزمة جدية مع الإدارة الجديدة في واشنطن.
· إن مصلحة إسرائيل العليا تكمن في وقوف إدارة أوباما والدول الأوروبية الكبرى إلى جانبها في مواجهة المخاطر الأمنية التي تواجهها، ولا سيما من ناحية إيران. وهنا يُطرح السؤال التالي: هل بذلت حكومة إسرائيل كل ما في وسعها من أجل الحؤول دون نشوء أزمة ثقة مع الولايات المتحدة ومع الدول الأوروبية الكبرى؟