هل ستؤدي الثورات في العالم العربي إلى تقسيم الدول العربية؟
تاريخ المقال
المصدر
هآرتس
من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".
- هل ستؤدي موجة الثورات التي يشهدها العالم العربي إلى تفكك الدول العربية القائمة حالياً وتقسيمها، أي إلى نهاية التقسيم الاستعماري للمنطقة منذ أكثر من مئة عام، ونهاية اتفاقية سايكس ـ بيكو؟
- هناك من يدافع عن هذه النظرية ويعطي مثلاً على ذلك أن إحدى أهم الحركات الاحتجاجية في اليمن هي الحركة الجنوبية التي تطالب بتقسيم اليمن إلى دولتين وإقامة دولة في جنوب اليمن. كذلك نشهد انقسام ليبيا إلى دولتين: في الشرق هناك القبائل المؤيدة للملك إدريس الذي أطاح به معمر القذافي سنة 1969 والتي يسيطر عليها الثوار اليوم، وفي الغرب هناك القبائل التي أيدت القذافي في الماضي وما زال عدد منها يؤيده اليوم.
- وإذا ما صح أننا نشهد تفكك الدول القومية بصفتها متبقية من مرحلة الاستعمار البريطاني ـ الفرنسي، فإن ذلك يعطي أهمية عالمية حقيقية لـ "الربيع العربي". إن أغلبية الدول الإفريقية التي تحررت من الاحتلال تتألف، مثل عدد كبير من الدول في الشرق الأوسط، من قوميات مختلفة وقبائل كثيرة وأديان متعددة، لذا ثمة احتمال كبير لأن يخرج "الربيع العربي" من تخوم الشرق الأوسط ويتحول إلى حركة ثورة ضد الإرث الاستعماري.
- للمرة الأولى تكشف الثورات في المنطقة صعود تيار الروح الوطنية المحلية الذي كان يعتبر سابقاً من التأثيرات الإمبريالية، فصرنا نرى أعلاماً وطنية محلية في التظاهرات التي تجري في الشرق الأوسط. كذلك يهتف المتظاهرون في سورية "الله، حرية، سورية، وبس"، وهذا شعار يتعارض مع الشعار الذي يرفعه حزب البعث "وحدة، حرية، اشتراكية". هكذا يبدو أننا نشهد صعوداً في الروح الوطنية المحلية المطعّمة بمكون ديني قوي إلى جانب الأفكار الديمقراطية التي تسللت حتى إلى عمق التنظيمات الإسلامية المتطرفة.
- إلاّ إن ما يجري لا يقتصر على الصعيد المحلي أو الإقليمي، فنمو الروح الوطنية المحلية المترافق مع الحديث عن حقوق الانسان والأفكار الديمقراطية أصبح ظاهرة عالمية يشكل الشرق الأوسط العربي أحد مظاهرها، كما يشكل اختباراً لها.