على إسرائيل عدم التدخل فيما يجري في سورية
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

·       قبل أسبوعين أعلن النظام السوري بصورة رسمية، ولأول مرة، امتلاكه مخزوناً من الأسلحة الكيماوية. وجاء ذلك على لسان الناطق الرسمي باسم وزارة الخارجية السورية جهاد مقدسي، في معرض توضيحه أن النظام لا ينوي استخدام أسلحة دمار شامل ضد مواطنيه، مشدداً على أن "سورية لن تستخدم سلاحاً كيماوياً أو غير تقليدي ضد مواطنيها"، لكنها قد تلجأ إلى استخدام هذا السلاح "في حال تعرضها لهجوم خارجي."

·       وبهذه الطريقة أزال مقدسي الغموض الذي كانت تنتهجه سورية منذ السبعينيات إزاء مسألة امتلاكها سلاحاً كيماوياً، فقد كشف عن وجود سلاح بيولوجي، والأهم من هذا كله، أنه أعلن أن سورية تتبنى من الآن وصاعداً سياسة "First use"، أي الحق في أن تستخدم السلاح الكيماوي أولاً.

·       ثمة أهمية كبيرة لهذا الكلام، فهو يعني أن سورية تنوي استخدام السلاح الكيماوي رداً على أي هجوم عسكري ضدها، حتى لو كان هجوماً بالسلاح التقليدي. وهذا أمر جديد للغاية، فحتى الآن كان من المفترض ألاّ تستخدم سورية السلاح الكيماوي الذي تملكه إلاّ في حال هوجمت بأسلحة دمار شامل. لكن يبدو واضحاً أن الخطط التنفيذية للجيش السوري تشتمل على رد كيماوي على عدوان خارجي.

·       منذ بداية سنة 1973 بدأ السوريون بالتزود بالسلاح الكيماوي، وذلك قبل وقت قصير من حرب يوم الغفران [حرب تشرين/أكتوبر]. واستناداً إلى مصادر غربية، فإن السلاح الكيماوي الذي تملكه سورية هو الأكثر تقدماً بين دول الشرق الأوسط. ففي الثمانينيات بدأ السوريون بتطوير رؤوس حربية كيماوية للصواريخ الباليستية التي لديهم، والتي من المعروف أنها قادرة على الوصول إلى أي نقطة في إسرائيل.

·       وسورية، مثل إسرائيل، لم تنضم إلى معاهدة جنيف سنة 1993، التي تمنع إنتاج وتخزين واستخدام السلاح الكيماوي، وبالتالي حافظت على الغموض بشأن كل ما يتعلق بكميات السلاح الكيماوي التي لديها وأنواعه.

·       لقد كان هدف السوريين من تطوير السلاح الكيماوي تحقيق التوازن الاستراتيجي في مواجهة السلاح النووي الإسرائيلي، فكان هذا السلاح للردع لا للاستخدام. وحتى في أصعب أوقات الحرب ضد سورية، خلال حكم كل من حافظ الأسد وابنه بشار، لم تستخدم دمشق السلاح الكيماوي الذي طورته، لا في حرب يوم الغفران [حرب تشرين/أكتوبر 1973] حين كان الجيش الإسرائيلي يقترب من دمشق، ولا في حرب لبنان الأولى [سنة 1982] عندما اضطُر الجيش السوري إلى التراجع إلى سهل البقاع، ولا عندما قصف سلاح الجو الإسرائيلي، وفقاً لمصادر أجنبية، المفاعل النووي الذي كانت تبنيه سورية في دير الزور [2007].

·       في الواقع، فقد تعاملت إسرائيل مع مخزون السلاح الكيماوي السوري بصفته عنصراً في معادلة الردع المتبادل بين الدولتين. وقد افترض الجيش الإسرائيلي أن السوريين لن يستخدموا هذا السلاح الكيماوي إلا في معرض الرد على هجوم خارجي بأسلحة غير تقليدية. كل هذا تغير الآن، وعلى ما يبدو أن السوريين قد غيروا قواعد اللعبة، ومعادلة الردع. وعلى الرغم من أن ما حدث قد يكون نتيجة الضغط الذي يتعرض له النظام في سورية منذ أكثر من عام، فإنه يتعين على الجيش الإسرائيلي أن يأخذ في اعتباره أن أي هجوم يقوم به ضد سورية، قد يؤدي إلى استخدام الجيش السوري السلاح الكيماوي في الرد عليه، الأمر الذي يشكل سبباً إضافياً كي لا نتدخل فيما يحدث اليوم في سورية.